مصطفى كريم
قدم الإمام البخاري رحمه الله إلى بغداد، فسمع به أهل الحديث فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لاسناد آخر وإسناد هذا المتن لمتن آخر ودفعوا إلى عشرة أنفس إلى كل رجل عشرة أحاديث وأمروهم إذا حضروا المجلس أن يلقوا ذلك على البخاري.
وجاء البخاري في الموعد  فحضر المجلس، فسأله أحد الرجال العشرة عن حديث من تلك الأحاديث، فقال البخاري: لا أعرفه، فما زال يلقى عليه واحدًا بعد واحد حتى فرغ من عشرته والبخاري يقول لا أعرفه،  فكان الفهماء ممن حضر المجلس يلتفت بعضهم إلى بعض ويقولون الرجل فهم ومن كان منهم غير ذلك يقضى على البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم ثم انتدب الرجل الثاني والثالث والرابع إلى تمام العشرة حتى فرغوا كلهم من الأحاديث المقلوبة والبخاري لا يزيدهم على لا أعرفه.
فلما علم البخاري أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم فقال: أما حديثك الأول فهو كذا وحديثك الثاني فهو كذا والثالث والرابع حتى اتى على تمام العشرة فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه وفعل بالآخرين مثل ذلك ورد متون الأحاديث كلها إلى أسانيدها وأسانيدها إلى متونها فأقر له الناس بالحفظ واذعنوا له بالفضل.

محمد عبدالعزيز
"صحيح أننا لن نتمكن يومًا من تجنب الضغط النفسي بشكل كامل، ولا يجدر بنا أن نحاول ذلك أصلا، إلا أننا نستعيض عن ذلك بتعلّم وسائل تساعدنا على معالجته بطريقة فعالة، بحيث لا نستسلم له فنغرق في بحر المشاكل والهموم، التي تترك بدورها عظيم الأثر على صحتنا العقلية والجسدية"..
في هذا السياق، تدور فصول كتاب "الضغط النفسي" تأليف الطبيب البريطاني غريغ ويلكنسون، وهو أستاذ في الطب النفسي الارتباطي بجامعة ليفربول البريطانية، ترجمة وتحقيق زينب منعم، والصادر ضمن سلسلة "كتب طبيب العائلة" لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، في 138 صفحة من القطع دون المتوسط، والذي يشير فيه المؤلف إلى تنوع العوامل التي تسبب الضغط النفسي لدى الإنسان، وأيضًا تنوع الوسائل التي يتبعها كل فرد لمعالجة هذا الضغط، ونتيجة لذلك لن يجد الجميع في هذا الكتاب أجوبة شافية وحلولا كفيلة لحل مشاكلهم كافة، إنما يحاول المساعدة على التفكير في الضغط النفسي غير المرغوب فيه والذي يعكر صفو حياة كل منا، وبناء على تحديده، يؤهل القارئ إلى معرفة كيف يسيطر عليه بمفرده أو بمساعدة الآخرين.

محمد السيد عبد الرازق
إن التوقف عند محطة: تفجير الطاقات، ومحطة: دوائر الفاعلية، أمر بالغ الأهمية، وهو ما تم بالفعل في المقالات السابقة، غير أن الوصول إلى المبادرة لا يتم إلا إذا كانت هناك وقفة تزود من محطة الالتزام والوفاء به، فما هو الالتزام وكيف نفي به؟
أنت تستطيع
إذا أردت حقًا أن تصل إلى المبادرة وتغرسها في أعماق نفسك، فابدأ بقطع الالتزامات على نفسك والوفاء بهذه الالتزامات، اتفق مع نفسك واقطع عليها العهد أن تحافظ على فعل شئ معين ووف بهذا العهد والتزم به بالفعل فأنت بذلك تنمي ثقتك بنفسك، ومن ذلك تتولد قناعة داخلية بأنك تستطيع تحويل ما خططت له إلى حقيقة وواقع عملي، وأنك شخص جاد وإيجابي.
يقول ستيفن كوفي: (إن الالتزامات التي نقطعها على أنفسنا أو لغيرنا، وتمسكنا بهذه الالتزامات، هو الجوهر وأكثر الوسائل وضوحًا للإعلان عن إيجابيتنا.

عبدالله العمادي
الصاحب الصادق الصدوق، عملة نادرة كما تقول العامة، فالوضع الراهن وطبيعة الحياة وعلاقات البشر بين بعضهم البعض القائمة على أسس كثيرة والتي غالبيتها تدور حول المصالح والمنافع الشخصية، وعليها بالتالي تقوم العلاقات والصداقات، كل تلك الأمور تؤكد المعنى..
إن المنافع والمصالح ستنتهي وتزول ولا شك في ذلك، ولن يبقى لأحدنا سوى ما كان من دم ولحم وعصب وعظم، المكونات المعروفة للإنسان.. أي أن الإنسان لا غيره هو من سيبقى لك أيها الإنسان، فانظر إلى ذاك الإنسان الذي تريده معك وقت زوال المصالح والمنافع..
إنها حقيقة يغفلها كثيرون أو يتغافلونها، تجعل من مسألة اختيار الصاحب والصديق لتكون من المسائل العظيمة في حياة كل منا، تستحق التوقف كثيراً عندها والتحدث حولها وفيها.

صلاح سلطان
لم أحب في حياتي جيلاً حبي للشباب، فلو دعيت لمائة من الشباب وألف من الكبار لما ترددت في تلبية المائة من الشباب، لأنهم هم سر قوة الأمة أو ضعفها، ولهذا جاءت سورة الكهف في عنوانها ومضمونها تستدعي صورة الشباب في أحسن هيئته وصورته في المبنى والمعنى والشكل والمضمون، قال تعالى: (إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهاً لَقَدْ قُلْنَا إِذاً شَطَطاً) (الكهف: من الآية 13و14)، ولقد ورد ذكر الفتيان والفتيات في القرآن عشر مرات، فسيدنا إبراهيم أبو الشباب بدأ دعوته وهو شاب صغير مواجها الشرك في تخصصاته الثلاثة: عبادة الحكام والأصنام والكواكب، فواجه الحكام بالحجاج كما حاجج النمرود، وواجه عبدة الأصنام بالتجربة العملية، وعبدة الكواكب بمشهد تمثيلي رائع، وسيدنا يوسف يتعرض في صغره لفتنة الإيذاء من إخوانه فلا يرد الإيذاء وهو شاب، وتعرض لفتنة الإغواء من امرأة العزيز فتمسك بالمكارم الأخلاقية خوفا من الله، وتعفف لأمرين: إيماني وأخلاقي، خشية من الله ووفاء لمن قال: "أكرمي مثواه"، واصطحب سيدنا موسى فتاه في رحلة التعلم من الخضر، وتلحظ لغة الشباب بينهما في الإصرار على بلوغ الأهداف النبيلة فتبدأ قصته بهذه الإرادة القوية: (وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً) (الكهف:60)، وتبِعَ الإرادة القوية بالإدارة السوية ثم بالانطلاقة الفتية،

JoomShaper