حينما تنظر إلى عينيها الصغيرتين تشدك فيها لمعة الذكاء وحينما تتحدث تشعرك بسكينة النفس وهدوء السريرة يدهشك عمق تفكيرها ودقة تحليلها للأمور وعقلانيتها وحسن اختيارها، ربما يعتقد البعض أنني أصف امرأة في عقدها الثالث أو على أقل تقدير فتاة في العشرين ؛ لكنك لن تمتلك إلا أن تقول:"ما شاء الله تبارك الله "وأنت تجد نفسك أمام بنت الثلاثة عشر ربيعا

الطفولة في فلسطين ليست كالطفولة في بقية العالم، حيث لا ينعم أطفال فلسطين ببراءة ولهو الطفولة واللعب مع زملائهم، ولا تنمو عقولهم وأجسامهم بشكل طبيعي، فهم يتعرضون للموت البطيء على يد احتلال واستيطان لا يرحم ولا يدع أحدا يرحم أطفال فلسطين الذين يستغيثون صباح مساء ولا أحد يجيب.

أطلق العنان لصرخة الحياة داخل أسوار المعتقل. تفتّحت عيناه على قضبان السجن تحيط به من كل جانب، واخترقت أذنيه صرخات جنود الاحتلال. إنه الطفل يوسف ابن الأسيرة فاطمة الزق، التي وضعته داخل أحد سجون الاحتلال الإسرائيلي، ليصبح أصغر أسير في العالم يحبو وتحدّ خطواته جدران المعتقل. يحلم برؤية النور بعد الظلام. يتيه طفلاً لتزيده الليالي قوة وإصراراً على الحياة. قد يكون أصغر من أن يعي هذه المعاني الكبيرة، لكنّ إحساسه سينمو مع جسمه مستشعراً تلك الأيام الصعبة. يوسف ووالدته الأسيران هما جزء من عائلة يكملها أبو محمود وأولاده الثمانية، الذين لم يتعرّفوا إلى يوسف إلا من خلال الصور. من هنا تبدأ المأساة، ولا تنتهي...

JoomShaper