سعود بن محمد بن عبدالعزيز الشويش
الثورة السورية منذ انطلاقتها قبل قرابة العامين والنصف وهي تُلقِّن الأمة دروساً متتالية كل درس يأتي خير من سابقه، ولكنه لا يأتي بلا ثمن فالأثمان التي تدفعها الأمة لتلقِّي هذه الدروس باهظة؛ فهي لم تُدفع بالأموال بل بالدماء والأشلاء.
معركة القصير وتداعياتها أحدثت في وعي الأمة الإسلامية ما لم يستطع إحداثه جموع المفكرين والمثقفين على مدى سنين، وأسقطت من خصومها ما لم تستطع جيوشها إسقاطه على مدى عشرات السنين.
لن نتناول أثر القصير في فضح ما يُسمَّى (حزب الله) ومن يقف خلفه من مجوس إيران وأعوانهم وطموحاتهم في استعادة أمجاد الفرس، فتلك حقيقة لم تعد تقبل النقاش بين العقلاء، المثير في تداعيات القصير وآثارها الحميدة في الأمة انكشاف حقيقة العالم الغربي وتناقضاته الصارخة التي يغلفها بقرارات المنظمات الأممية تحت مسمى (الشرعية الدولية) ويتبع ذلك سقوط آخر أوراق تلك المنظمات الأممية في دعاوى الحرية وحقوق الإنسان والعنف ضد المرأة والأطفال والتراث العالمي وغيرها، والتي استغلت من قبل الغرب استغلالاً بشعاً في تحطيم القيم الإسلامية وتفكيك الأسرة وتأليه الآثار والأوثان ونحوها.

د. محمود نديم نحاس
الفاضحة من أسماء سورة التوبة في القرآن الكريم. وسمّيت كذلك لأنها فضحت المنافقين وكشفت أفعالهم. ربما لهذا السبب أطلق بعض الناس وصف الفاضحة على الثورة السورية لأنها استطاعت أن تكشف الأعداء وتعرّيهم.
أفاض الكتّاب في الحديث عما حدث في بلدة القصير من تقصير، وما سيتبع ذلك من دفع ثمن خذلان الشعب السوري، حيث بقي أربعون ألفاً محاصرين طوال شهر ونصف ولم يتدخل أحد لنصرتهم، بل لم ينبس كثيرون بكلمة واحدة، وكثيرون أصيبوا بالصمم والبكم خلال عشرين يوما من عمليات القصف والتدمير والقتل للمدنيين في البلدة!
هل بدأت القصة في القصير؟ أم منذ سبعة وعشرين شهراً عندما بدأ ذبح الأطفال وقتل المتظاهرين العزل؟ لكن القصة في الحقيقة بدأت منذ خمسين عاماً عندما جاء الطائفيون لحكم سوريا سنة 1963م وكانوا في البداية يحكمون من وراء بعض الشخصيات الأخرى التي أزاحوها بعد سبع سنوات ليتربع الأسد على رؤوس الأحرار ويتوج نفسه إمبراطوراً بل فرعوناً جاعلاً البلد مزرعة شخصية له ولأهله وطائفته. ومن أراد البرهان على أنه فرعون فيمكنه أن يبحث في الإنترنت عن صور العملة السورية وسيجد صورة الأسد الهالك على العملة الورقية والمعدنية الصادرة قبل موته! فأي رئيس منتخب (كما يدّعي) وضع صورته على العملة؟

بقلم: وليد فارس
وتطلع الشمس للمرة الثلاثمائة والستين على منزل أم طاهر الذي سكنته بعد نزوحها من حيها القديم مع أولادها الثلاثة فتخرج منه لتملئ خزانه بالماء مستغلة سويعات الكهرباء التي تُشغل مولدة الحي الأساسية فتسحب من بئر قريب ما يروى عطش أبنائها وتستعين به على أعمال منزلها, هذه المرة يبدو عليها تعب وإرهاق شديدين, وجهها شاحب بعض الشيء وللمرة الأولى تبدو خصلة شعرها التي خرجت من المنديل -الذي وضعته على عجل- تبدو بيضاء واضحة, تتم عملها على وقع أصوات قصف غير بعيد, تسقط قذيفة في الشارع الخلفي تهرول نحو منزلها مسرعة…فتسمع صوت دجاجة في منزل عربي تعرض للقصف تدخل فتمسكها وتأخذها إلى البيت مسرعةً هرباً من القصف, توقد النار على حطب كانت قد جمعته تضع حساء العدس الذي يعتبر طعام أبنائها شبه اليومي, فالعدس والماء والملح هي أشياء البيت الأساسية التي تحضر بعد غياب بقايا المواد بسبب الحصار الخانق المفروض على المدينة, تضع الدجاجة في حديقة البيت الخلفية وتوقظ أبنائها للفطور ثم تجلس مستندة إلى حائط الغرفة يعلو جبهتها عرق التعب وعرق المرض الذي قرر زيارتها اليوم أيضاً, يُحضر أحد أبنائها الطبيب من المشفى الميداني القريب, يوصي لها الطبيب بالغذاء والراحة وبعض الدواء.

لها أون لاين
في الوقت الذي تكاد فيه عجلة العمل الجاد تتوقف، ويقبل الناس على الإجازة الصيفية بما تحمله من برامج ترفيهية ورحلات سياحية ومواسم للتسوّق، يعيش العالم الإسلامي والعربي ـ خاصة ـ أحوالاً مضطربة بين حرب ودمار، وقتل وتشريد، ومؤامرات وصراعات. ويبرز الوضع في بلاد الشام - وبالأخص في مدينة القصير- على السطح، ويستأثر بالاهتمام؛ لأنه الأقرب مكاناً والأخطر مآلاً، ولا تزال الأيام تكشف عن حجم المؤامرة وأطرافها، ويكتسب الصراع الدائر صيغة أكثر وضوحاً.
ومع اشتداد الخطر وسلبية دول العالم، ووقوفها في صف الظالم المعتدي ـ إما صراحة أو بتخاذلها ـ نصبح مطالبين بأدوار إيجابية ترفع عنا الإثم، وعن إخواننا الضر.
بين إغراءات الإجازة الممتعة والحاجة إليها، ونداء النصرة الواجبة تتفاوت الهمم وتمسّ الحاجة إلى خطاب دعوي حكيم، يحسن توجيه المجتمع إلى منهج رشيد سديد يستطيعون سلوكه.
بين أفراد المجتمع فئة جادة حية المشاعر، عالية الهمة، تحمل الهم وتستشعر المسؤولية، وهؤلاء نتعلم منهم ولا نعلمهم، أمّا بقية أفراد المجتمع فلن نستطيع حملهم على أعلى مراتب البذل مهما اشتد الخطب، وهم يرون الأمة بمستوياتها المختلفة في غفلة وانصراف عن القضية المشتعلة.

*صحيفة النهار- أورينت نت
المرأة السورية والثورة
أمّ الثوار في دمشق، بعدما فقدت اثنين من أبنائها، آثرت اعتبار شباب "الجيش السوري الحر"، بمثابة أبنائها، واعتنقت دوراً في الثورة، تُعِدّ من خلاله الطعام للثوار، وتغسل ثيابهم، وتشد أزرهم، وتحضّهم على الصبر بكلمات حنونة تشي بقلب طيّب. تبكي أمّ الثوار أبناءها الشهداء، لكنها تردف: "حرقوا قلبي على أولادي، بَس معليش، فِدا سوريا، وأنا كمان فِدا سوريا". أما في الكهوف، والسهول التي افترشها سوريون باتوا بلا مأوى، فتجمع الجدّة في ريف حماة فتات الخبز اليابس، تطعِم منها الأطفال الجوعى بحرص شديد. ألا يقول المثل الشعبي: "ما في ولا صَرّة ما بتسند جَرَّة"؟ وبينما تروم الأمّ براري إدلب، بغية جمْع حطب توقده لطهي قليل من البرغل أو الأرز؛ تنهمك شابات في الرقة في التزيين والرسم، وفي حياكة أعلام الثورة الخضراء، رمز الخلاص الوحيد من المأساة بالنسبة إلى كلّ مؤمن بالثورة. إنه العلم الذي كان بمثابة أيقونة حُبّ وسلام في أيادي سوريات شاركن في التظاهرات السلمية في شمال البلاد وجنوبها، وغربها وشرقها.

JoomShaper