د. محمود نديم نحاس
لم يكد قلمي يجف بعد أن كتبت مقالتي عن الجرائم ضد الإنسانية التي يقوم بها النظام السوري حتى فاجأنا بإجرام جديد.
هل بعد هذا الإجرام وبهذه الجرأة الفاجرة في استخدام السلاح الكيماوي على غوطة دمشق والاستقواء على أبناء الشعب السوري الأعزل، هناك من يظن خيراً في النظام السوري بأنه نظام الممانعة والمقاومة؟
ما هذه الصور التي نراها على الشاشة لأسر بأكملها قضت تحت القصف والاختناق؟ وهل يمكن للإنسان أن يمسك دمعته وهو يراها؟
لو لم يكن النظام مجرماً من النوع الممتاز لما تجرأ على القيام بإرهاب الدولة المتغطرس تجاه شعبه الأعزل، في الوقت الذي يستقبل فيه اللجنة الدولية للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية، ويخرج مسؤول في النظام ليقول بأن النظام يتعاون مع لجنة التحقيق بكل شفافية ليوحي بأن العدوان الكيماوي إنما تقوم به ما يسميها العصابات المسلحة. ألهذا الحد يستطيع المجرم أن يقتل الأبرياء ويعدّ ذلك بطولة؟ ومن يستطيع أن يضع حداً لإرهاب الدولة هذا؟ وهل قتل كل هؤلاء الضحايا والتفريط بحياة البشر وانتهاك السيادات والحريات مبرر من أجل أن يبقى على الكرسي؟


استمعت من اليوتيوب إلى تسجيل لندوة قدمها أنور مالك، المراقب الجزائري الذي كان ضمن وفد المراقبين العرب الذين أرسلتهم جامعة الدول العربية لاستطلاع الوضع في سوريا في بداية الثورة. وقد قصر حديثه على حقوق الإنسان، حيث عامة الناس يبكون عندما يرون طفلاً يُذبح أو يُقتل، فهذا هو القتل العمد أو الإبادة، أو عندما تُغتصب النساء... الخ. لكن في سوريا تعدّى الأمر موضوع حقوق الإنسان، فقد كان في البداية انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، لكنه تطور فصار جرائم ضد الإنسانية وفيها إبادة جماعية، وتطور مع الوقت فصار جرائم حرب بمفهومها الواضح. وأكد بأنه يتحدث عما رأى بعينه، بعيداً عن العواطف، فهو حقوقي مؤتمن لا يتكلم لصالح أي طرف.
ويقول: لقد سبق لي أن كتبت في هذا الموضوع، وظننت أني صرت متخصصاً به، لكني عندما وصلت إلى سوريا وجدت نفسي كأني طفل في الروضة في هذا التخصص، لأني لم أتخيل أن يصل الاستبداد بل الحقد والكراهية بين حاكم وشعبه كما وجدت في سوريا. فهو نظام طاغ مستبد لديه حسابات إقليمية وطائفية ويقتل شعبه، مما اضطر الشعب لحمل السلاح للدفاع عن نفسه، ومن لا يدافع عن كرامته فليس عنده إنسانية لاسيما وهو يرى ابنته تُغتصب أمامه وبيته يُدمّر على رأسه، وابنه أو شقيقه يُذبح أمامه بالسكين.

د. محمود نديم نحاس
أي عيد مرَّ على بلاد الشام هذا العام؟ هل أصف العيد في المناطق المنكوبة؟ أم في مخيمات اللاجئين؟ قبل المحنة كان للعيد في بلاد الشام طعم خاص، فبعد رؤية الهلال يتم إعلان دخول العيد بطلقات من المدافع، للمحافظة على الطريقة التراثية قبل انتشار وسائل الاتصال والتواصل وقنوات البث الصوتي والمرئي. لكن أي مدافع يمكن استخدامها اليوم لإعلان العيد؟ إن أصوات المدافع وراجمات الصواريخ تقطع الصمت كل بضع دقائق، إلى درجة أن الناس لم تعد تستطيع النوم إذا كان الليل هادئاً، فقد تعودوا النوم مع ضجيج القذائف، فإن فقدوها طار النوم من أعينهم.
بعض الناس لم يخرجوا لصلاة العيد هذا العام خوفاً من قذيفة طائشة في الشارع أو طلقة قناص جالس فوق المباني العالية، وبعضهم لم يخرج خوفاً من أن تُهدَّم المساجد فوق رؤوسهم وهم يصلّون. فأي مسجد بقي له حرمة عند النظام بعد قذف المسجد الأموي الكبير في حلب ومسجد خالد بن الوليد في حمص وتهديم مئات المساجد الأخرى؟
بعد صلاة العيد كان الناس يذهبون لزيارة المقابر ليتعظوا وليتذكروا أحبابهم الذين غيّبهم الثرى. لكنهم هذا العام تاهت بهم السبل، فأي مقابر يزورون وقد فقدوا أكثر من مائة ألف من ذويهم؟ وأضعاف هذا العدد مفقودون أو مغيبون في السجون، ولا أحد يعرف عنهم شيئاً، هل هم بين الأحياء فيأمل أهلوهم عودتهم؟ أم هم بين الأموات فيترحمون عليهم؟ هل تلبس الأم لباس العيد أم لباس الحزن؟ وهل تقضي الزوجة العدّة عن زوج لم تسمع عن أخباره منذ سنتين ونيّف؟ أم إنه سيعود حاملاً هدايا العيد لها ولأولادها؟ وهل ينتظر الأولاد أباً طالما حمل إليهم الألعاب يوم العيد، أم ينتظرون بعض هيئات الإغاثة التي تستطيع أن تواسي عدداً محدوداً من الأطفال وفي بعض المخيمات؟ وحتى الأب الذي مازال بين أولاده كيف يشتري لهم هدايا العيد والجيوب فارغة والعين بصيرة واليد قصيرة، وحتى لو وُجد المال فإن الأسواق خالية من البضائع، لا أقول الكماليات، بل الأساسيات.

دمشق – الوئام
ارتفع عدد ضحايا مجزرة الغوطة الشرقية ، والتي نفذها نظام بشار الأسد إلى 1188 قتيل بحسب ما أكده الناطق باسم الجيش السوري الحر .
من جهته ، طالب الائتلاف السوري المعارض بانعقاد مجلس الامن للبحث في “مجزرة” ريف دمشق ، في حين طالبت الجامعة العربية فريق المفتشين الدوليين بالتوجه “فورا” الى الغوطة الشرقية في سوريا .
مئات القتلى والجرحي بقصف بالكيمياوي بدمشق وريفها

دمشق – الوئام:
قال ناشطون سوريون إن مئات الأشخاص قتلوا وأصيب مثلهم، معظمهم من النساء والأطفال؛ جراء قصف قوات النظام بالأسلحة الكيمياوية والغازات السامة، فجر اليوم حي جوبر بالعاصمة دمشق ومدينة زملكا وبلدة عين ترما بالريف الدمشقي، وسط حالات نزوح لسكان المناطق المستهدفة.
ونشر اتحاد تنسيقيات الثورة السورية والهيئة العامة للثورة السورية مقاطع فيديو للعديد من القتلى وحالات الاختناق والإغماء أثناء محاولة إنقاذهم، كما وجه النشطاء نداء استغاثة لتوجه الأطباء إلى المشافي الميدانية بريف دمشق للمساعدة في عمليات الإنقاذ.بحسب قناة الجزيرة التي أوردت التقرير نقلا عن ناشطين.
وقال الناطق الإعلامي لوكالة أنباء الثورة السورية محمد صلاح الدين، في اتصال مع الجزيرة من ريف دمشق، إنه أحصى مع نشطاء آخرين 150 قتيلا وتوقع ارتفاع عدد الضحايا بسبب نقص المعدات والكوادر الطبية.
واعتبر ما يجري “مجزرة كيمياوية” ارتكبها النظام في ظل وجود فريق تحقيق أممي طالبه الناشط بسرعة التوجه للمناطق التي تعرضت للقصف، مشيرا إلى حالات نزوح كبيرة للسكان تشهدها المنطقة بسبب القصف الكيمياوي الذي أكد أطباء بالمشافي الميدانية أنه ناجم عن غاز السارين السام.

د. عامر الهوشان
هذا هو العيد الخامس الذي يمر على  السوريين عموما والأطفال خصوصا , دون أن يعرفوا للعيد معنى من معاني فرحته , أو يلامس شغاف قلوبهم لونا من ألوان بهجته , خامس عيد وصوت المدافع لا يعلو عليه صوت , وأزيز الطائرات لم تهدأ هناك , خامس عيد  وصوت الرصاص أزاح عن السماء أصوات العصافير وضحكات الأطفال ولهوهم ومرحهم العفوي الملائكي البريء .
لم يعد أطفال سوريا يحلمون ليلة العيد بالهدايا والألعاب كما كانوا يحلمون قبل القتل والتدمير والتهجير , لم يعودوا ينتظرون شروق شمس العيد في بلدهم , كأنهم على موعد مع السعادة بكل معانيها وحقائقها كما كانوا من قبل , لم يعودوا يحلمون باللباس الجديد الذي ينتظرهم في الصباح الباكر قبل أن يذهبوا برفقة والديهم إلى صلاة العيد , لم يعودوا ينتظرون اجتماع العائلة في أول أيام العيد على مائدة الإفطار , ولا ينتظرون أرحامهم من أولاد العم والخال بعد أن يأخذوا العيدية , ليطوفوا بها معهم في عالمهم الصغير المتمثل في الحي أو مدينة الألعاب كما كانوا من قبل , لأن معظم هؤلاء الأقارب والأرحام قد أصبحوا في ليلة العيد تحت التراب .
لقد أضحت أحلامهم اليوم لا تعدو النجاة من الموت المحتم , أو لقمة تسد وطأة الجوع الكاسر , أو مكانا آمنا يبعدهم قدر الإمكان عن ذلك الجنون الذي يحصل في بلدهم , بينما غابت وتلاشت تلك الأحلام التي كانت تتراقص في خيالهم , عن المستقبل والنجاح والفرح والسرور .
لم يعد أطفال سوريا ككل أطفال العالم , فقد ملئت ذاكرتهم الصغيرة البريئة بكثير من مشاهد الخوف والرعب , مما ينبغي أن يبتعد عنه أمثالهم , وامتزجت رائحة الدم في أنوفهم برائحة الفل والياسمين , واختلطت في أذهانهم الكثير من المعاني والمعطيات , فلم يعد لشيء يمر بهم قيمة أو معنى , لم يعد لشهر رمضان حين يأتي رونقه وسحره , ولم يعد للعيد حين يقترب بهجته وفرحته , لقد أصيب قاموس معاني الكلمات والمصطلحات عندهم في مقتل , فاختلطت المعاني والعبارات , وأصبحت جميعها تصب في اتجاه الحرب الدائرة هناك .

JoomShaper