عندما كان سكان حي (جوبر) في ريف دمشق يحاولون انقاذ فتاة من تحت أنقاض منزلها المصاب بصاروخ أسدي، لاحظت الفتاة وجود كاميرا، فصاحت (عمو لاتصورني، مالي محجبة)
قالتِ الحُرّةُ عَمّاهُ لاتُصَوِرْني
قالتِ الحُرّةُ عَمّاهُ لاتُصَوِرْني
فليسَ على رأسي حِجابُ
قالَتها وسُحُبُ الدُخّانِ تَخنُقُها
وحولَها الرائِحَةُ مَوتٌ والألوانُ خِضابُ
قالتها مِنْ تحتِ أنقاضِ مَنزلها
بعدَ أنْ مَرّتْ بهِ الذِئابُ
نَزعُ الحِجابِ عِندَ حُكامِنا عَادةً
يخترقُ عيونَهمْ كَما تَختَرقُ الحِرابُ
فلا الجُرذانُ تهوى الطَهارةَ
ولاالشياطينُ يُغريها مِحرابُ
اليومَ يَفعَلُها الوَريثُ القاصِرُ
وفي الأمسِ فَعلَها عَمّهُ القَصّابُ

أحمد ملحم الجرباء
المعرفة بحر محيط، عميق الغور، متسع الأرجاء، نصيبنا منه ضئيل يسير، فما أنت في هذا العالم إلا قطرة من ماء ذلك المحيط، لا تحيط بأسرار لغتك، فما بالك بلغات العالم التي لا تعد، لا تعرف تضاريس بلادك، فما بالك بتضاريس بلاد الآخرين، لا تعرف المعالم الكبرى من تاريخك، فما أنت وتاريخ البشرية الزاخر بالأحداث على مر العصور، استجلب كل ما تعيه ذاكرتك المنكوبة بهذا العصر تجد منطقة الوعي والإدراك صغيرة تكاد تقبض عليها بيد واحدة.
اطلعت على اليسير من التجارب، وقرأت القليل من الكتب، عشت رتابة الأيام ولياليها المملة، وبحثت عمَّا يحيي ما مات من الذاكرة، وينعش ما بقي منها في الحياة، كنت تحلم بأحلام جميلة كبيرة، وجاءتك كوابيس مخيفة لم تكن في الحسبان.
لم تكن تدري أنَّ للمعرفة مواسم تزدهر فيها وتنمو بوتيرة عالية، تتكاثر فيها بلا حساب، يجلبها الأسى، وتأتي بها الأحزان، تنشط في الأهوال، وتزداد بعد الفجائع، تزدحم الصور والمعارف عند ناشدي الحرية وعاشقي الأوطان، تتراكم الخبرات في ألوان الأوجاع وأسباب شفائها.
سنتان من عمر الثورة أو تزيدان قليلاً، وها هو غبار التاريخ يتجمع بضجيجه من جديد، ضاربًا الذاكرة بخاصرتها لتنشط بعد كسل طويل، الغشاوة زالت، والنائم استيقظ، وكأنما الماضي حي لا يموت.

الشيخ. علوي بن عبدالقادر السقاف
الحمدُ لله هازم المـُشركين، وناصِر عِباده الموحِّدين، ومشرِّع الجِهاد إلى يوم الدِّين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّ الملحَمة؛ محمَّد بن عبدالله، ورضِي الله عن صَحابته الكِرام، الذين فتَحوا العراق والشَّام، وهزَموا مجوس الفُرس ونَصارى الرُّومان.
أمَّا بعدُ:
فلا يَخفى على أحدٍ ما يَجري اليوم في بلاد الشَّام الحبيبة، وسوريَّا تحديدًا، من تكالُب أعداء الإسلام مِن نُصَيريِّ النِّظام، ورافضة إيران والعِراق ولبنان، بدَعم من روسيا، وتواطُؤٍ من الغرب، وتخاذُلٍ وخورٍ وعجْزٍ من الدُّول العربيَّة والإسلاميَّة، حتَّى بِتنا نسمع ونشاهد كلَّ يوم مَقتلةً ومذبحةً، والعالَم كلُّه يتفرَّج ولا يُحرِّك ساكنًا! عدَا تصريحاتٍ سياسيَّة كاذبة، وفي خِضَمِّ ذلك واجَه شبابُ سوريَّا البواسلُ أسلحةَ روسيا وإيران وحِزب اللَّات الثَّقيلةَ بأسلحةٍ خفيفة، غنِموها من النِّظام المجرم، أو جاءتْهم بخوف واستحياء من بعض الدُّول والأفراد.
ولمـَّا طال أمَدُ الحرب، ودخلت الآن سَنتَها الثَّالثة، أثار كثيرٌ من الغيورين مسألة حُكم الجهاد في سوريَّا لغير أهلها؛ وردَّد بعضهم فتوى علماء المسلمين المشهورة، وهي: أنَّ أيَّ بلد يتعرَّض أهلُه للحرب، فيجب وجوبًا عينيًّا على أهل ذاك البلد الدِّفاعُ عنه، وصدُّ العدو الصَّائل؛ فإنْ عجَزوا أو خذلوا، وجَب على مَن يليهم، حتى يصبحَ الجهادُ فرْضَ عينٍ على كلِّ مسلم، حتَّى يردُّوا العدوَّ، وينتصر المسلمون.
فما موقعُ الجهاد في سوريَّا الآن من هذه الفتوى؟ وهل وصل الأمرُ إلى القول بالوجوب العينيِّ للجهاد على كلِّ مسلم، لا يُستأذن فيه الوالدان، ويأثم مَن تركه بغير عُذر؟

الدكتور حسان الحموي
هرع الجميــــــــــــــع الى الركام ملبــيـــــــــا صرخات أهل البيت لما عانا
نادت فأســـــــــــــــمعت القلوب بصدقها لما تكشّف سترهـــــــــا و انهانــا
عمـــــــــــــــــاه صـــــــــور ان أردت دمارنا لكن عرضي لا يــزال مصانـا
صور عــــــــــــــــراة الروح من بلــــــــوائنا فالكل اصبح عنــــــــــدنا عريانــا
انا بنت جوبر استحي من خالقي عماه ما زال الرقـــــــــــــيب معانا
صرخت تنادي تحت انقاض اللظى عماه ان القصف قد اضنــــــانا
عماه اكرمني الاله بســـــــــــــــــــــــــــــــترتي والباغي زاد بغييــــــــه امعانـــــــــا
لا أبتــــــــــــــــــــغي ثمنــــــــــــــــا لروحي انما ابغي عليه من العلي رضـوانا

د. محمود نديم نحاس
لم أقم ببحث حقيقي عن روزا باركس. وما أكتبه عنها هنا هو مما حفلت به صفحات الإنترنت دون التحقق من تفاصيل قصتها. إنها الأمريكية السمراء التي استطاعت بإصرارها أن تغير عُرفاً أمريكياً. كان ذلك في الخمسينيات من القرن الماضي حيث كان على الإنسان الأسود أن يقدم مقعده في الحافلة لأي شخص أبيض واقف. لكن روزا العائدة من عملها وهي متعبة في إحدى أمسيات الشتاء جلست في الحافلة ورفضت أن تقدم مقعدها لرجل أبيض، وتحملت كل النظرات الغريبة والكلمات النابية التي وجهها إليها البيض في الحافلة. أما السائق فتوجّه بالحافلة إلى مركز الشرطة حيث تم التحقيق معها وتغريمها نظير تعديها على حقوق الآخرين!
كانت النتيجة أن قاطع السود الحافلات وطالبوا بحقوقهم، وامتد الغليان إلى أكثر من سنة إلى أن أصدرت محكمة قراراً بإلغاء ذلك العرف الجائر. واليوم تقبع تلك الحافلة القديمة التي حصلت فيها الحادثة في أحد متاحف ولاية ميتشيجان حيث تم شراؤها بمبلغ يقرب من نصف مليون دولار، في حين نالت روزا عدداً من الأوسمة، وتم تشييع جنازتها سنة 2005، وكان عمرها 92 عاماً، بمراسيم لا يحظى بها إلا الشخصيات المهمة، لكنها كانت تحمل وسام الحرية الذي منحته لأبناء جنسها عبر رفضها الظلم. وفي كتابها (القوة الهادئة) كتبت تقول (في ذلك اليوم تذكرت أجدادي وآبائي، والتجأت إلى الله، فأعطاني القوة التي يمنحها للمستضعفين).

JoomShaper