رعاية الوالدين عند كبرهما
- التفاصيل
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصَحبه أجمعين.
أمَّا بعدُ:
فمن حِكمة الله - سبحانه - أن خلَق الإنسان فسوَّاه، وجعَله يمرُّ بمراحل تتفاوت فيها قُدراته وإمكاناته، ولكلِّ مرحلة من عُمره خصائصها وميزاتها التي تُميزها عن غيرها من المراحل؛ يقول - سبحانه - مذكِّراً بهذه المراحل: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [غافر: 67].
وفي كلِّ طور من هذه الأطوار التي يمرُّ بها الإنسان، سخَّر الله له مَن يَكلؤه ويَعتني به، بدافع الفطرة والرحمة صغيرًا، وبدافع المودة والاحتساب كبيرًا، فمنذ وضَعته أمُّه وهي تَحوطه برعايتها وتُغدق عليه من حنانها، بذَلت مُهجتها، وفرَّغت وقتها، واستعْذَبت انشغالها بوليدها، وأبوه قد شمَّر عن ساعد الجد في تأمين معيشة أسرته التي يَعولها، قد وفَّر الغذاء البدني والرُّوحي لوليده، وجعَله يشعر بالأمان والاستقرار النفسي، إلى أن شبَّ وليدهما عن الطوق، واعتمَد على نفسه في شؤون حياته، واستغنى عن غيره، وبدَأ يشقُّ طريق عيشه، ويكوِّن له أسرة صغيرة، يحوطها ويرعاها، ويؤمِّن لها العيش الكريم.
أمَّا الوالدان، فبعد أن أدَّيا واجبَهما وأنفَقا زهرة عُمرهما في رعاية أولادهما، إذا بالسنوات تَزدلف بهما، وتمضي تِباعًا على عجلٍ، فيعلو الشيبُ مفارقهما، ويدبُّ الضَّعف إلى بدنيهما، ويُصبحان في حال يحتاجان فيها إلى مَن حولهما، ولا سيَّما أبناؤهما وبناتهما؛ ليردُّوا إليهما الجميل، أو بعضَ الجميل الذي بذلاه في سبيلهم، وليتقرَّبوا إلى الله تعالى بخدمة والديهم اللذين طالَما تَعِبا ليستريحوا، واهتمَّا واغتمَّا ليَنعموا، وبذلا الكثير ليَنعموا بالعيشة الهنيَّة، فما موقف الأولاد من بنين وبنات من والديهم وهما في هذه الحال؟
مسؤولية الآباء تجاه الأولاد بعد سنِّ البلوغ والرشد
- التفاصيل
يتحدد سن البلوغ في أعدل الأقوال ببلوغ الصبي أو الجارية الخامسة عشرة تقريبًا، مع ظهور علاماته؛ كشعر اللِّحية والعانة، واحتلام الصبي، وحَيض الجارية، وللفقهاء في ذلك تفصيلٌ يُرجَع إليه[1].
ولعل من أظهر ما يُستدَل به في ذلك: حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: عرَضني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد في القتال وأنا ابن أربع عشْرة سنة، فلم يُجزني، وعرَضني يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازَني، قال نافع: فقَدِمت على عمر بن عبدالعزيز وهو يومئذ خليفة، فحدَّثته هذا الحديث، فقال: إن هذا لحَدٌّ بين الصغير والكبير، فكتَب إلى عُماله أن يَفرضوا لمن كان ابن خمس عشرة سنة، ومن كان دون ذلك، فاجعلوه في العِيال[2].
ويستمر الأبوان في القيام بمسؤوليَّاتهما العامة تُجاه الأولاد، لا سيما ما لا غُنْية لهم عنه؛ كالدعاء بالصلاح والتوفيق، ولقد قال إخوة يوسف - عليهم السلام -: ﴿ قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [يوسف: 97 - 98].
وأيضًا النُّصح والتوجيه للخير بالأسلوب الرفيق، وبالموقف الحكيم، وبالقدوة الحسنة، والموعظة والتذكير؛ فإن توجيه الفتى اليافعِ ليس كتوجيه الصبي الغِرِّ، وليس كتوجيه ونُصْح الرجل المُكتمل في قواه العقلية والفكرية، وفي حديث جرير بن عبدالله - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن حُرِم الرِّفق، حُرِم الخير))، أو ((ومَن يُحرَم الرِّفق، يُحرَم الخير))[3].
المرأة المســـــلمـــة وبنــــاء الأســـرة
- التفاصيل
مرحلة تشكيل الاسرة:
للأسرة أهمية في حياة وتطور المجتمعات، واهتم الإسلام كثيرا في بنائها وتشكيلها، وأبدى نصائحه وإرشاداته وأحكامه، ليس بعد تشكيل الأسرة فحسب، إنّما قبل تشكيلها. فلقد دعا الإسلام العظيم كلاً من الرجل والمرأة إلى الحرص على أن يكون اختيار شريك العمر في رحلة الحياة مناطه الاعتصام بالدين والأخلاق الحسنة، فذلك هو السبيل الأمثل لبناء أسرة قويَّة تكون عماداً لمجتمع قوي جدير بالريادة والقيادة والخيرية،
والنصوص التي تحض على حسن الاختيار، وتحذر من الاهتمام بالأعراض الزائلة دون الاهتمام بالقيم الخالدة كثيرة...قال رسول اللَّه صلى الله عليه و سلم : إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير . ويقول السيد الخامنئي دام ظله في هذا الصدد: إن الإسلام قد أولى المرأة كزوجة عناية خاصة في مختلف المراحل.في الدرجة الأولى: مسألة اختيار الزوج، فقد جعل الإسلام المرأة حرَّة في اختيارها لزوجها، ولا يمكن لأحد أن يفرض عليها زوجاً. فلا الأقارب لهم أن يفرضوا عليها ذلك، ولا حتى إخوتها ووالدها، ليس لهم أن يجبروها على الزواج من شخص لا تريده، ولا يحق لهم ذلك.. لاحظن أن أحكام الإسلام منذ بدء تشكيل الأسرة تقف إلى جانب المرأة في اختيار زوجها .
الرؤية الواسعة لدور المربي
- التفاصيل
روى البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح الليل أو أمسيتم فكفُّوا صبيانكم؛ فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهب ساعة من الليل فحلوهم..."
في هذا الحديث النبوي يوصي النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الأمور والآباء بحسن رعاية أولادهم، ومن ذلك إبعادهم عما يضر بهم في صحتهم العضوية والنفسية.
حين تتحدث مع كثير من الخيرين عن التربية وتحثهم على حسن رعاية أولادهم فإن عددًا منهم يختزلون المسئولية التربوية فيما يتصل بالتدين والحديث عن أمر الابن بالصلاة والطاعة، ونهيه وتقويم سلوكه وأخلاقه.
وفي مقابل هؤلاء هناك فئة ليست قليلة من الآباء والأمهات يعتنون بصحة أولادهم، ويهتمون بتحصيلهم الدراسي وأمور الدنيا، ويهون عندهم شأن الدين.
إنّ الإسلام يتعامل مع الإنسان باعتباره كائنًا متكاملا، جسد وبنية، وعقل وروح، وكما أنّ الدين ليس أمرًا هامشيًا ومحدودًا في حياة الإنسان فهو مع ذلك لا يمكن فصله عن جوانب شخصية الإنسان الأخرى.
إنَّ الآلة التي تؤدي وظيفة ما إنما تعمل من خلال مجموع قطعها وأجزائها، ومهما بلغت أهمية قطعة من قطعها أو جزء من أجزائها فلن يرقى هذا الجزء منفردًا ليكون هو كل شيء في هذه الآلة، ولن يعمل بمفردة دون بقية القطع والأجزاء.
مزرعة الفيسبوك ومزرعة الجنة
- التفاصيل
التربية فن، والتربية قدوة، والمربي الناجح هو الذي يختار الكلام المناسب في الموقف المناسب في الوقت المناسب، فيعالج الموضوع قبل أن يتفاقم، وقبل أن يكبر، وقبل أن يتراكم في ذهن الطفل، ويصعب بالتالي التخلص منه.
والمربية الناجحة هي التي تستطيع تحويل الموقف من سلبي إلى ايجابي بأسهل الوسائل، وأيسر الطرق ، وتكون هناك استجابة من الطفل.
ومن المعروف أن هناك علاقة وطيدة بين الطفل والبحث في الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي والشغف بالألعاب الإلكترونية، وهذه العلاقة يجب أن تكون محط أنظار الأب والأم، إذ لا يمكن منع الطفل من التناغم مع الألعاب الإلكترونية والإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، ولكن يمكن تعويده على نظام معين، فتكون هناك مدة زمنية محددة بأيام محددة بأوقات محددة، وبألعاب ومواقع محددة. وهذا يتطلب غسيل يومي لتنظيف الطفل مما يعلق به من ممارسته للألعاب والمواقع.