محمد الدويش

مدخل بين يدي الرسالة
معشر الإخوة الكرام: إن المصارحة مع أنفسنا مطلب ضروري، والتخلي عنها لايسهم إلا في دفن الحقائق، وخلق سحب وضبابية حول كثير من أخطائنا، وصنع الأسلاك الشائكة حول أرض المحاسبة، وخلق الخطوط الحمراء ستكون ضريبته استمرار الأخطاء وتضاعف التجاوزات.
إن مواجهة النفس، والتخلص من الحيل النفسية مطلب ملح هو الآخر ولن يجني غيرنا ثمرة المخادعة والتزويق.
معشر الإخوة الكرام: ثمة مشكلات في حياتنا الاجتماعية، وأخطاء، وتجاوزات: في علاقة الأب بأبنائه، والابن بوالديه، والزوج بزوجته، والزوجة بزوجها. والمدير بالموظف، ورب العمل بالعامل. وحين نكون جادين في التخلص من هذه المشكلات وتصحيح هذه الأخطاء فلا مناص من طرح هذه الموضوعات تحت ضوء الشمس فلم تعد أسراراً، بل صار يدركها حتى المغفل، ويبصرها الأعشى والأعمش.


الكاتب: الأستاذ علي الطنطاوي
قال لي صديق ، معروف بجمود الفكر ، وعبادة العادة ، والذعر من كل خروج عليها أو تجديد فيها . قال:
- أتكتب عن زوجك في الرسالة تقول إنها من أعقل النساء وأفضلهن ؟ هل سمعت أن أحداً كتب عن زوجه ؟ إن العرب كانوا يتحاشون التصريح بذكرها ، فيكنون عنها بالشاة أو النعجة استحياء وتعففا ، حتى لقد منع الحياء جريراً من رثاء زوجه صراحة ، وزيارة قبرها جهارا . ومالك بن الريب لمّا عد من يبكى عليه من النساء قال :
فمنهن أمى وابنتاها وخالتى **** وباكية أخرى تهيج البواكيا
فلم يقل وامرأتى . . وكذلك العهد بآبائنا ومشايخ أهلنا . لم يكن يقول أحد منهم : زوجتى ؛ بل كان يقول : أهل البيت وأم الأولاد ، والجماعة ،والأسرة ، وأمثال هذه الكنايات . أفترغب عن هذا كله ، وتدع ما يعرف الناس ،وتأتى ما ينكرون ؟
قلت : نعم !



بقلم/أ. فؤاد أبو سعيد .
تنتشرُ هذه الأيامِ ومنذُ زمنٍ خُصُومَاتٌ أُسَرِيَّةٌ، وَنِزَاعَاتٌ عَائِلِيَّةٌ، تؤدِّي إلى التفكُّكِ بين الأُسَرِ، والتعادي بينَ الأفراد، والاختلافِ والتفرقِ في الأمة، وهذا ما يحدثُ بين الخاطبِ ومخطوبتِه، والأزواجِ والزوجات، والأولادِ والبناتِ مع الآباءِ والأمَّهات، والإخوانِ والأخوات، والجيران وجيرانهم، وأذكر أمثلةً على ذلك:

يفرحُ الشابُّ إذا وجدَ فتاةَ أحلامِه، وتفرحُ الفتاةُ إذا تقدَّمَ لِخطبتِها فارسُ أحلامِها، الخاطبُ ومخطوبتُه، وهذه بدايةُ الحياةِ الزوجيَّة، وأوَّلُ عَلاقةٍ من العلاقاتِ الأسريَّة، وبعد الوفاقِ والاتفاق؛ يبدأُ الاختلافُ على أمورٍ بسيطةٍ يمكنُ تلافيها، والتغاضي عنها وتحاشيْها، مثلُ الاختلافِ على قدْرِ المهرِ المعجَّلِ والمؤجَّل، أو بدعةِ عفش البيت، أو صالةِ الأفراح، أو بطاقاتِ الدعوات، أو عددِ السيارات الناقلة ونوعِها، أو كيفيةِ إقامةِ الحفْل، وعددِ "المعازيم" أي المدعوِّين من أهلِه أو أهلِها، ونوعيَّةِ وقدْرِ المطعومِ والمشروب الذي سيوزَّع إلى غيرِ ذلك من الأمورِ الثانويَّةِ الهامِشيَّة.

لقد رفَضَت مخطوبةٌ خاطبَها، وعندما طلبوا مِنِّي الوساطةَ وجدتُ أن الخاطبَ عندما أراد أن يعلمَها تلاوةَ القرآن؛ اعترضَ على بعضِ مخارجِ الحروف عندَها، كما أخبرتني هي بذلك.

ورفض خاطبٌ مخطوبتَه لأنَّه اشتُرِط عليه المداومة على الصلاة.


هاشم محمدعلي المشهداني
يقول الحق جلا وعلا: من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا [الأحزاب:23].
إن بين الله وبين المؤمنين بيعة، مفادها قول الله تعالى: إن الله  اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة [ التوبة :111]. المشتري هو الله، والبائع فيها هو المؤمن، والسلعة هي الأنفس والأموال، والثمن هو الجنة.
الله تعالى يعلمنا أن الرجال من المؤمنين هم الذين يصدقون الله في بيعتهم، وليس كل المؤمنين رجال.
فمن هو الرجل؟ وما سمات الرجولة؟ وما أسباب ضياعها؟
الرجل: هو عكس المرأة أو ضدها .
ونعني بالرجل: هو الذي أخضع ذاته ونفسه لمنهج الله عز وجل، فهما وسلوكا.
قال العلماء: الزمن يحوي الليل والنهار، وجنس الإنسان يحوي الذكر والأنثى، ولكل منهما مهمته، فكما أن الليل للسكنى والهدوء والنهار للكدح والعمل، فالرجل بمنزلة النهار، والمرأة بمنزلة الليل.

يوسف إسماعيل سليمان

كنت قد كتبت مرارًا إلى الزوجة الصالحة أنصحها وأوجهها إلى ما يُصلح بيتها، ويَنسج مشاعر الحب والود بينها وبين زوجها، ويعينها على استيعابه وإرضائه؛ ليعيشا الحياة الهنيئة التي رسمها لهما القرآن، قبل أن تكون من رسم خيالهما.

ولكني اليوم أوجه رسالتي إليك أيها الزوج الكريم، فأنت ربَّان سفينة رحلة العمر في بحر الحياة، ورحلتك هذه- لاشك- تحتاج إلى زادٍ يعينها، وإلى هدف معلوم حتى لا تسير على غير هدى، وحتى تصل إلى شاطئها بأمان وسعادة.

قد يظن البعض أن مقصودي بالزاد هو ما يتجشمه الرجل من مشاق ومتاعب لكي يوفر الطعام والشراب لزوجته وأولاده، وهي مطالب على أهميتها لا تشبع جوع الزوجة إلى ما تحتاجه من غذاء روحها ووجدانها وقلبها، ولا تلبي أشواقها المتجددة إلى المشاعر الرقيقة الفياضة، والأحاسيس الحنونة الرقراقة التي تنتظرها منك، ولا تروي عطشًا إلى حبك وحنانك الغامر الذي يسري في دمائها فتفور حيويتها، وتتألق نضارتها، وتنشر عبيرها في حياتك أنت.

 

يطيب لي هنا أن أستشهد على مقصودي بقصتين مشهورتين قبل أن أستطرد في ذكر زاد رحلتك وهدفها، فأما القصة الأولى فتروي أن زوجًا ما إن وصل إلى باب منزله حتى رأى أطفاله حول الباب يلعبون بثياب متسخة، وبقايا طعام على ملابسهم ووجوههم، فسأل الأولاد: أين أمكم؟ فقالوا: في غرفتها؟ فظن أن بها مرضًا، فأسرع بالدخول، فوجد البيت يموج بالفوضى وعدم النظام، وحاجيات الأطفال وألعابهم مبعثرة، وأواني طعامهم على الأرض، ولا أثر لأي تنظيف أو ترتيب. وصل غرفة زوجته فوجدها مفتوحة وزوجته جالسة على السرير تقرأ مجلة، فقال لها في دهشة: أأنت مريضة؟ قالت في ابتسام: إطلاقًا أنا في خير حال؟ قال في غيظ: فلماذا الأولاد والبيت على هذا الحال؟ قالت: لقد سألتني بالأمس: ماذا تعملين في البيت؟. أنا الذي أشقى وأتعب وأنتِ مرتاحة؟

JoomShaper