أم عبد الرحمن محمد يوسف
كثير من البيوت تهددها المشكلات الزوجية، فهي مقامة على شفا جرف هار لو أطلت المشكلة عليه لانهار، ولو أصابته آفة لربما توقف القطار ليدع كل شريك شريكه الآخر يكمل المشوار بعيدًا عنه، فهل يا ترى بنيت هذه البيوت على الجدية؟ وهل يمتلك الزوجان فيها رغبة مشتعلة تدفعهم للاستمرار؟ فما أحوجنا لامتلاك هذه الجدية التي تنم عن رغبة حقيقية في الاستمرار والبقاء جنبًا إلى جنب في طريق الحياة.
إن بيوتنا في حاجة ماسة لأن تظللها سحائب الجدية والتي تظهر واضحة في قول الله تعالى: {وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا}، وفيها نجد التعبير (يدع الفعل {أَفْضَى} بلا مفعول محدد، يدع اللفظ مطلقًا، يشع كل معانيه، ويلقي كل ظلاله، ويسكب كل إيحاءاته، ولا يقف عند حدود الجسد وإفضاءاته، بل يشمل العواطف والمشاعر، والوجدانات والتصورات، والأسرار والهموم، والتجاوب في كل صورة من صور التجاوب.

الأسرة هي البيئة الأولى التي يولد فيها الفرد .. وينمو .. ويشب .. ويترعرع ..

وهى الوسيط الأول للتنشئة الاجتماعية .

وهي عماد المجتمع حقاً .. فهي اللبنة الأولى في المجتمع ..

والتنشئة الأسرية الجيدة : هي التي تشجع على إبراز التفكير الابداعى عند الأبناء ..

ولهذا لنا أن نقول : أنه ليست كل الأسر بيئة صالحة لتنشئة وإخراج المبدعين ..ولهذا فللأسرة التي تسعى لأن يكون ولدها من صناع المستقبل سمات نذكرها :

قال الدكتور عصام عبد الجواد أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية النوعية بجامعة القاهرة، إن كل الأسر تختلف وتتشاجر، إلا أن الطريقة وأسلوب إدارة الحوار تؤثر فى الأبناء، خاصة عندما يرون إساءة أحد الأبوين للآخر وفقدان الاحترام بينهما، هذا ما، مشيرا إلى أن الأسرة نواة المجتمع، والأبناء يقلدون صورة الآباء فتجد الابنة تجتهد لأن تكون شبيهة بوالدتها وأيضا الابن يحاول أن يكون شبيها بأبيه، وهذا يتكرر بصورة أكبر عند زواج الأبناء واستقلالهم عن الأسرة الأم حيث يتم إعادة تاريخ حياة الآباء.

 

وأضاف أن البيئة التى نشأ فيها الأبناء تتكرر بما فيها من تصرفات وسلوكيات، وأيضا عادات غذائية وتعاملات مع المجتمع بما يحقق معنى أن التاريخ يعيد نفسه، مؤكدا أنه عندما ينشأ الأبناء فى جو مضطرب تسوده المشاحنات تنمو شخصياتهم مضطربة مفتقدين إلى السواء النفسى، ومن ثم فإن حياتهم الأسرية التى يقبلون عليها تكون تكرارا لما عاشوه فى الماضى.

كثير من الناس يعانون من الظلم وعدم العدل، ويكون هذا فى البيت أو العمل أو فى محيط الأصدقاء، وهذا يكون عاملا سلبيا على نفسية الإنسان بل يؤثر على نجاحه.

ويوضح الدكتور محمد المهدى أستاذ الطب النفسى بكلية الطب بجامعة الأزهر، أن هناك العديد من أنماط الاستبداد التى قد يقع الإنسان فريسة لها، ومنها:

 

لاستبداد الأسرى: ففى الأسرة تتأكد مفاهيم الحرية أو تنتفى، فهى البوابة الأولى والأساس لقيم الحرية والمساواة والعدل وغيرها من القيم، إذا مارس الأب أو مارست الأم الاستبداد كان ذلك بمثابة نموذج أوّلى للاستبداد يحمله الطفل معه ويتحرك بموجبه فى كل المواقع التى يذهب إليها، فهو يتصنع الخضوع والاستسلام ويسلم إرادته لوالده المستبد، ثم حين تواتيه الفرصة (حين يكبر هو أو يضعف أبوه) ينقض عليه منتقماً.

JoomShaper