د. بركات محمد مراد    
◄"ليس كل لعب لهواً وعبثاً، وجميل من التربية الحديثة أن تصطنع منه أساليب تعينها على تكوين الناشئة، فتضفي عليهم ثوباً من عافية البدن، ونشاط الذهن، واستقرار النفس. اُعتبر اللعب قديماً مضيعة للوقت، ومبدداً للجهد الذي يجب أن يُبذل في الدراسة والتعلُّم، ولذا فلا غرابة إن وجدنا التربية القديمة تعمل جهادة لإبعادة تلاميذها عنه، عن طريق تجاهلها له في مناهجها المدرسية أو خططها التربوية. وقد تغيّرت النظرة إلى اللعب، وتبدّلت الصورة عنه في عهد التربية الحديثة، التي أكّدت على ضرورة إدخاله ضمن المناهج التربوية في جميع مراحل التعليم، وغرسه في أكثر النشاطات التربوية والمواضيع الدراسية إعترافاً بأهميّته الملموسة في ترسيخ التعليم في الذهن"
ما يجري من تقييم حول أهميّة التعليم أوّلاً وما يجري من حوار حول وضع الطفل للإستعداد والتحصيل الأكاديمي يجب أن يدفع الأُمّهات والمعلِّمات بإعتباره عاملاً هاماً في مختلف مجالات النمو. وهناك اختلاف بين نظرة الكبار للعب ونظرة الصغار إليه، فاللعب بالنسبة للصغير هو عمل الطفولة الممتع، وبه تتم تربيته وتعليمه، وفيه متعته ومرحه.
تقول (دورثي كروس) من كلِّيّة بروكلين: "يستطيع الطفل من خلال اللعب أن يتصل بما حوله بطريقته الفريدة والخاصة به.. إنّه ليس مجرد لعب، وإنّما هو أعظم عمل يقوم به الطفل".

سحر محمد يسري
رأى المفضل بن زيد... ابنًا لأعرابية مسلمة، فأعجب بمنظره، فسألها عنه، فقالت: (إذا أتم خمس سنوات أسلمته إلى المؤدب، فحفظ القرآن فتلاه، فعلمه الشعر فرواه، ورغب في مفاخرة قومه، وطلب مآثر آبائه وأجداده، فلما بلغ الحلم حملته على أعناق الخيل فتمرس وتفرس، ولبس السلاح، ومشى بين بيوت الحي، وأصغى إلى صوت الصارخ).
أعزائي المربين
إننا أمام نموذج فريد للتخطيط والإعداد من أجل تربية ولد صالح.. فلا نستطيع أن نفسر طريقة هذه المرأة الأعرابية إلا بأنها كانت تخطط لتربية ولدها منذ ولادته..وتنفذ ما خططت له المرحلة تلو الأخرى فهي تعرف ماذا تفعل وإلى أين تسير!!
إنَّ التربية عملية تطوير مستمرة، وليست بالعمل الذي نعتمد فيه على ما علق في أذهاننا من تربية والدينا لنا، أو بما يرشدنا إليه الأصدقاء والأقرباء، بل تستلزم منا الشعور العميق بالمسئولية وثقلها، وبضرورة الإعداد والتدريب لها، ومعرفة العديد من قواعد وأصول التربية السليمة، والتسلح بمهارات التربية الصحيحة، نعم إن الأمر يستلزم في كثير من الأحيان تعديل سلوك الوالدين والمربين أنفسهم، وتطوير أدائهم التربوي. وبدون هذه النظرة الجادة للتربية سنخرج جيلًا عشوائيًا تمامًا مثل التربية العشوائية التي تلقاها.

د. خاطر الشافعي
ما زالت الحربُ مُشتدٌّ أُوارُها، حامٍ وطيسها، وما زالت الصورة المنقوصة - أو بالأدق المشوَّهة التفاصيل - تَفرِض نفسها على واقعٍ يؤرِّقنا، ويبقى الاندهاش هو المُسيطر على المشهد، فمراهقو اليوم أضافوا للكلمة معاني جديدة، فلم تَعُد المراهقة حبيسة فترة عُمرية معيَّنة؛ بل تَخطَّت حدود الزمن، واقتربت أكثر من الفِكر، فأزاحت عن بؤرة التفكير ستارَ الحياء، حتى اتَّسع مفهومها ليشمل معاني أخرى، بغضِّ النظر عن العمر.
إن ما مُورِس من حروبٍ - بمعناها التقليدي - على ديننا وثوابتنا وقِيَمنا ومبادئنا عبر التاريخ، لم ينجح في فتِّ عضُد الأُمَّة، والنَّيل من شبابها - الذين هم عُدَّتها وعَتادها - وثوابتهم؛ لأن تلك الحروب شهرتْ سيوفها، وصوَّبت بنادقها، فمثَلتْ لنا رأي العين، فأدركنا خطرَها، واتحدت إرادتُنا، فلحِق بعدونا الخزي، ولم تخرج مبادئنا من تلك الحروب، إلا وقد زال ما اعتراها من وَهْن، فقويت الشوكة، وتأجَّجت الحَميَّة.

لينا كيلاني*    
درج النقاد على إعتبار القصة التعليمية هي التي توجه تلاميذ المدارس بالتحديد والصغار عموماً نحو قيم معيّنة: أخلاقية أو وطنية أو قومية، وربّما دينية أيضاً. ولم يبتعد التاريخ عن هذا الإطار.
ودخلت في القصة التعليمية الأشعار التي أدرجت في المناهج التربوية كشعر أحمد شوقي مثلاً وحافظ إبراهيم والرصافي وغيرهم، كما أدرجت قصص شعرية أخرى كالقصص الخيالية للفرنسي لافونتين التي تبدأ بحكمة معيّنة أو تنتهي بها هي المحور لهذه القصة الشعرية. ولا نستبعد في هذا المجال بشكل عام ما اغترف من كليلة ودمنة وثبت في المناهج التعليمية على أنّه من القصص التعليمي.
إذن، فالقصة التعليمية شعراً ونثراً موجودة ومستخدمة للأغراض التربوية حتى أنّ بعض المؤسسات عمدت إلى إصدارات تحتوي عدداً من هذه القصص التي تتماشى مع المجتمع وما يتطلّع إليه من قيم روحية أو دينية وأخرى أخلاقية أو وطنية قومية، وربّما استفادت من التاريخ أيضاً وهو غني جدّاً بما يصلح أن يكون كذلك كقصص الشجاعة والبطولة والتضحية والإكرام، إلخ...
ولم تغفل قصص الوعظ والإرشاد عن طريق الفكاهة والنكتة كقصص أشعب وجحا وما ورد في المقامات أيضاً.

ينبغي للآباء توخِّي الصدق وعِفة اللسان، والالتزام بسائر الخصال الشريفة التي يأمر بها الدين الحنيف، والتزامُهم بذلك جزءٌ أساس في صلاح البيت، وأسلوب رشيد بالغ التأثير في تربية الأولاد على الخُلق الفاضل والسَّمت الكريم.
وفيما يلي بعضُ النماذج المُقتبسة من الكتاب العزيز وسُنة النبي - صلى الله عليه وسلم - يستضاء بها في هذا المضمار:
الإخلاص:
الإخلاص لُبُّ الدين وحقيقته، وكلمة الإخلاص: "لا إله إلا الله " أساس الدين، وأصله الأصيل، وهو ما اتَّفقت عليه جميعُ رسالات الله؛ قال الله - تعالى -: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾ [البينة: 5].
وتربية الولد على الإخلاص في الأقوال والأعمال والمقاصد، تبدأ من سن التمييز؛ كما سبقت الإشارة إليه؛ ليَستشعر غايته في كل عملٍ يؤدِّيه، وهي ابتغاء وجه الله، وبهذه النية الصالحة يَرشُد مسلكُه، فيتخلَّص من أدواء النقص، وتتأسَّس أخلاقه على أساس وطيدٍ، ويُكتَب له ولوليِّه بذلك الأجْرُ؛ قال - تعالى -: ﴿ وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ﴾ [الليل: 19 - 20]، فمَن أخلَص فابتغى وجْه ربِّه، رضِي الله عنه، وأرضاه بالجزاء الأَوْفى.
إن للإخلاص في حياة المسلم القيمةَ العليا والأثر الأكبر، وإن تربية الولد على هذه الخَصلة الشريفة والخُلق الأصيل أفضلُ ما يقدِّمه والدٌ لولده وفِلذة كبده، بل هو أجَلُّ ما يُسديه إليه ويُنشئه عليه.

JoomShaper