د. محمود نديم نحاس
"يوم الاستقلال" لأي بلد هو اليوم الذي استعاد فيه حريته من محتل أجنبي أو وصاية خارجية، وصار يحكم نفسه بنفسه، أخذاً من التعبير الإنجليزي Independence Day. وتحتفل كثير من البلدان كل عام بيوم استقلالها، لتذكّر الأجيال بمعاناة الآباء المؤسسين من أجل الحصول على الحرية، ولغرس روح المواطنة وحب الوطن في قلوبهم.
لكن سوريا انفردت بتسميته "يوم الجلاء". ذلك أن السوريين عندما أخرجوا الفرنسيين من بلدهم في مثل هذا الشهر (نيسان/إبريل) من سنة 1946، بعد ربع قرن من الوصاية، أرادوا أن يتميزوا بأن يأخذوا التسمية من اللغة العربية. كيف لا وهم الذين اعتمدوها حتى في التعليم الجامعي بكل تخصصاته، من الطب إلى الهندسة إلى علوم الذرة. فمن أين جاءت كلمة الجلاء، التي عندما تُذكر يتبادر إلى الذهن أحد معانيها الأكثر استخداماً، وهو الوضوح؟
ومن معاجم العربية: جَلا القومُ يَجْلُون جَلاءً وأَجْلَوْا إِذا خرجوا من بلد إِلى بلد. وأَجْلاهم هو فأَجْلَوْا أَي أَخرجهم فخرجوا. وقد جَلَوْا عن أَوطانهم وجَلَوْتُهم أَنا. وأَجْلَوْا عن البلد وأَجْلَيْتُهم أَنا. والجَالِىَة: الذين جَلَوْا عن أَوْطانهم. وجَلا القومُ عن الموضع ومنه، جَلْواً جَلاءً، وأَجْلَوْا: تفرَّقوا. وقيل: جَلَوا من الخوف، وأَجْلَوْا من الجَدْب. وأَجْلاهم هو، وجَلاَّهم، وكذلك اجتلاهم. وجَلاهُ عن وطنه فجَلا أَي طرده فهرب.

محمد النجار-الرمثا
لا تقتصر آثار قصف قوات النظام السوري للمدنيين فقط على زيادة أعداد القتلى أو الجرحى، وتدمير المدن والقرى، بل تتخطى ذلك كله إلى آثار نفسية سلبية على أطفال تفتحت أعينهم على وقع قذائف الهاون، كما هو حال الطفلة شهد.
على الرغم من مرور نحو عامين على حادثة سقوط قذيفة هاون على منزلها بمنطقة إمام المياذن بدرعا، لا تزال الطفلة السورية شهد بعيدة عن استكمال علاجها لاستعادة نطق الحروف نطقا سليما، حيث فقدت النطق تماماً اعتبارا من يونيو/حزيران 2012، ولم تستعد النطق إلا بخمسة حروف بعد عامين من العلاج، عوضا عن تشخيص الأطباء النفسيين لها بفقدان مرحلة من عمرها حيث عادت لمرحلة الطفولة المبكرة رغم بلوغها الأربعة أعوام ونصف العام من عمرها اليوم.
في مدينة الرمثا الواقعة على الحدود الأردنية الشمالية مع سوريا، تعيش شهد مع والديها وأفراد عائلتها في مخزن كان مخصصا لمحل تجاري، قبل أن يتحول لما يشبه المنزل، يتوفر فيه قدر بسيط جداً من الأثاث المهترئ الذي يفسر حالة لعائلة سورية غادرت وطنها دون أي مقومات للعيش.
تعاني الطفلة السورية من اضطرابات نفسية وسلوكية، وباتت أقرب للانطوائية وأحيانا للعدوانية وحب تملك الأشياء وعدم مشاركة أقرانها باللعب.

د. محمود نديم نحاس
هذه لفتة رائعة من الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – حيث يقول: قلت لرجل تعوّد شرب الخمر: ألا تتوب إلى الله؟ فنظر إليّ بانكسار، ودمعتْ عيناه، وقال: ادعُ الله لي. فتأملت في حال الرجل، ورقَّ قلبي. إن بكاءه شعور بمدى تفريطه في جنب الله، وحزنه على مخالفته، ورغبته في الاصطلاح معه، إنه مؤمن يقينا، ولكنه مبتلى! وهو ينشد العافية ويستعين بي على تقريبها. فقلت لنفسي: قد تكون حالي مثل حال هذا الرجل أو أسوأ! صحيح أنني لم أذق الخمر قط، فإن البيئة التي عشت فيها لا تعرفها، لكنّي ربما تعاطيت من خمر الغفلة ما جعلني أذهل عن ربي كثيراً وأنسى حقوقه. إنه يبكي لتقصيره، وأنا وأمثالي لا نبكي على تقصيرنا! قد نكون بأنفسنا مخدوعين! وأقبلت على الرجل الذي يطلب مني الدعاء ليترك الخمر، قلت له تعال ندع لأنفسنا معا: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين).

علاء الدين عرنوس-دمشق
في قسم النساء بسجن عدرا، أعدت نورا أغراضها لتغادر الزنزانة أخيراً بعد تسعة أشهر من الاعتقال في سجون البالغين، بعد أن اعتقلت مع والدتها وشقيقها الأصغر، تنقلوا خلاله سبع مرات بين المراكز والأفرع الأمنية بتهمة مساعدة الإرهابيين وتقديم التسهيلات لهم.
في معمعة الأوضاع الميدانية على الساحة السورية، تضيع الكثير من القصص تحت وطأة ما اعتقد البعض أنه خبر يستحق المتابعة، حيث تمتلئ الشاشات بأشرطة إخبارية مكثفة في وقت تغيب قضايا قد تكون أكثر أهمية.
يحدث كل هذا أمام ناظري نورا (17 عاما) وهي تتابع الشاشة الصغيرة، دون أن تصدق أنها قضت 285 يوماً بوصفها واحدة من أصغر المعتقلات السوريات اللواتي سجنّ في عهد الثورة السورية، تنقلت خلال هذا الاعتقال بين سبعة أفرع ومراكز أمنية في رحلة عذاب، قدّر لها أن تنتهي بإطلاق سراحها في نهاية فبراير/شباط الماضي مع والدتها وأخيها الأصغر بالبراءة من أي تهمة أو جريمة.

بيروت - من أورينت برس
في الذكرى الثالثة لاندلاع الحرب الأهلية في سوريا، تتسارع جهود المنظمات الدولية والإنسانية في سباق مع الزمن لإيصال مشروع تعليمي مبتكر إلى ضحايا الصراع الأكثر تضرراً. مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين السوريين حرموا من فرصة التعليم اثر تهجرهم من بيوتهم ومنازلهم، ووجودهم اليوم في ظروف تعيسة للغاية.
ثلاثة ملايين طفل سوري أُخرِجوا من ديارهم، وهو رقم صادم. وأكثر من مليون طفل من بينهم فروا من سوريا ويرزحون الآن في مخيمات في دول مجاورة، أبرزها لبنان والأردن وتركيا. ويكابد هؤلاء الأطفال الآن شتاءً ثالثاً بعيداً عن ديارهم ومدارسهم وأصدقائهم. بل إن كثيرين منهم فُصلوا عن أسرهم، مع انضمام المزيد من الآلاف كل يوم إلى عداد المشردين، في مأساة أضحت تمثل أكبر كارثة إنسانية في العصر الراهن. ورغم ان جمعيات كثيرة تبدي اهتمامها بتأمين القوت والدواء ومساعدة هؤلاء اللاجئين على البقاء على قيد الحياة ومواجهة الظروف القاسية، الا ان مبادرات جدية أخرى تهدف إلى توفير فرص تعليمية للاطفال اللاجئين حتى لا يضيع مستقبلهم تماماً.
«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:
من السهل جمع التبرعات من اجل تأمين الغذاء والدواء لعدد من اللاجئين السوريين، لكن من الأمور الضرورية والواجب توفيرها على حد سواء كونها لا تقل أهمية: تأمين التعليم المناسب للأطفال اللاجئين السوريين حتى لا ينشأ جيل كامل أمي ومتضرر من الأزمة السورية التي طال امدها.

JoomShaper