د. محمود نديم نحاس
منذ ربع قرن من الزمان بدأت قناة الأطفال الألمانية كيكا Kika برنامجها المسمى لوغو Logo، وهو برنامج أخبار يومي لمدة عشر دقائق موجّه للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين التاسعة والثانية عشرة. برنامج فريد من نوعه، متخصص بتقديم الأخبار للأطفال بعد إعادة صياغتها بجمل بسيطة ثم عرضها مع الرسومات التوضيحية، متجنّبا الحديث عن تعقيدات السياسة، ومتحاشياً إظهار التفاصيل المثيرة في الحروب كالمشاهد الدموية مثلاً، رغم تعرض البرنامج لأمور ليست بسيطة مثل مشكلة استخدام السلاح الكيميائي في سوريا. وهدف البرنامج تثقيف الأطفال ليفهموا العالَم من حولهم، في مصداقية كاملة، وإخبار الأطفال بالحقيقة عن الأشياء المروّعة التي تحدث في العالم، دون إثارة الرعب لديهم.

جميل هو التفاؤل الذي يولد برغم الألم المحيط، وهذه حالنا نحن اليوم تجاه قضية سوريا، على الرغم من الألم الذي يمر به شعب سوريا فإننا مازلنا متعلقين بحبال الأمل، لعل الله أن يجزينا وإياهم خير الجزاء ونخرج من هذه المحنة الصعبة التي طال انتظار الفرج من بعدها.
في كل صباح نأمُل أن نصحو على خبر تحرير سوريا من يد الطغاة الظالمين الذين دمروا البلاد والعباد تدميرا. نحن متفائلون على الرغم من أنواع القتل الوحشي الذي يتم هناك، على الرغم من صور العذاب التي يتعرض لها هذا الشعب العظيم.
بعد إبادة زهور ربيع الشعب بالكيماوي في الغوطة، وبعد هلاك غيرهم من الجوع والبرد في مخيم اليرموك، مازلنا متفائلين، نصحو كل يوم بصباح الخير يا سوريا، وقد يتفاجأ البعض بقولهم: أي خير، سوريا دمرت.. ولن تعود كما كانت!!، وأقول أنا: الخير يأتي بإذن الله، وليس بإذن أحد غيره.

عبد عرابي
يقولون إذا أردت أن تعرف مستقبل أمة ومصيرها فينبغي عليك أن تنظر إلى حال أطفالها وواقعهم، فمرحلة الطفولة هي أخطر مراحل بناء الإنسان وأهمها من جميع النواحي. لأن ثروات الأمم ليست فقط في المدفون في باطن الأرض، ولا في المنشور فوقها، وإنما الثروة الحقيقية هي الإنسان الذي يتعامل مع هذه الثروة ويتصرف بها فهو أغلى الثروات وأعزها.
من هذا المنطلق طالبت منظمة ‘أنقذوا الأطفال’ (Save the Children) الدولية، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق الأطفال في العالم، بمنح أطفال سوريا الأولوية في مؤتمر جنيف2، المنعقد في سويسرا من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
وذكرت المنظمة، في بيان لها، أن أكثر من 11 ألف طفل قتلوا في الاشتباكات الدائرة في سوريا، مشيرةً إلى أن نسبة الأطفال الذين قضوا في قصف عشوائي بلغت 71′.
وأضافت المنظمة: ‘نطالب المشاركين في مؤتمر جنيف 2 بإيصال المساعدات العاجلة إلى جميع الأطفال في سوريا، وحماية المدارس والمراكز الصحية، ووضع حد للهجمات المسلحة على مناطق سكن المدنيين’.
ولفتت إلى أن الأطفال يعيشون يوميا ‘فظاعة الحرب’، مؤكدة على ضرورة عدم استهداف الحرب للأطفال والمدنيين من الآن فصاعدًا.

القدس العربي
لا يمر يوم وعلى مدى الاعوام الثلاثة الماضية، الا وتبث لنا وكالات الانباء العالمية وقنوات التلفزيون صورا ومشاهد مأساوية من سوريا، سواء لعائلات تهرب من نيران المدافع والصواريخ أو لمناطق كاملة مهدمة، بما في ذلك مساجد وكنائس ومدارس ومستشفيات، واكثر ما يثير الاشمئزاز صور الضحايا من الاطفال. فهذه صورة لرضيعة يتم انتشالها من تحت الركام، وتلك لطفل يرتعد بردا بالعراء أو لطفل غطاه غبار الركام، أو لآخر لا يتعدى عمره السبعة اعوام يتصبب عرقا وهو يعمل في احد المصانع، أو لآخر انتفخ بطنه من الجوع وسوء التغذية، أو طفل بتر احد اعضائه… واذا ما نظرت في عيون هؤلاء الاطفال، فلا ترى لا الطفولة ولا البراءة، بل الهم والحسرة والغضب واللوم للعالم. وللتذكير فان الكثير من الصور والمشاهد يتم حجبها لبشاعتها وخوفا على مشاعر المشاهدين.
ليس من المستغرب في سوريا ان تعكس هذه الصورة حجم مأساة ومعاناة الاطفال، خاصة ان الاحتجاجات بدأت منذ نحو ثلاث سنوات باعتقال اطفال في مدينة درعا كتبوا على الجدران عبارات تنادي برحيل النظام، وكان ما فجر الثورة اعتقالهم وتعذيبهم واهانة اهاليهم.

أماني محمد
كلما هممت بشراء ثوب فاخر، تذكرت كم البرد الساكن عظام أصحاب المخيمات، وكلما لاحت لي فرصة ارتداء حذاء يعتني بالأقدام ويجعل الخطوات لها صوت مختلف، جاءتني صورة الأقدام الحافية الصغيرة مكفهرة الملامح حتى تكاد تتساوى بغبار الأرض. وكلما جاءت الدعوات لولائم الأفراح ولقاء الأصحاب، باغتتني صورة أصحاب اليرموك الجوعى والعطشى، فتتحول الصورة لدي إلى هروب من كل هذه الأطعمة الفاقع لونها.
فهل يمكن أن نصدق أن هناك بشراً يموتون جوعاً؟ إذا كذب المثل العربي الشعبي أن أحداً لا يموت جوعاً، نعم يموتون جوعاً ونحن نزداد تخمة ودلالاً وهوساً بالجديد والفراغ الذي يملأ زوايا الروح. لا شيء صار لذيذاً ودافعاً للنهم، لأن هناك من يقف أمامنا وأمام أطباقنا، هناك من الثكالى واليتامى والجوعى ما يجعل الحياة صعبة وشاقة ولا تطاق.
لا ينتهي الأمر عند فراش دافئ في مقابل عواصف لا يقف أمامها إلا خيمة اهترت من شدة البرد، وصغار ماتوا برداً وجزعاً وبحثاً عن مأوى.
يا للهول، هل يحدث هذا للشام؟ بلاد المستحيل الممكن؟ بلاد الياسمين الدمشقي والعذوبة العروبية الصافية؟

JoomShaper