سلافة جبور-دمشق
عند أحد الحواجز المنتشرة وسط العاصمة السورية دمشق تنتقل الطفلة هلا لتبيع "العلكة" إلى راكبي السيارات المتوقفة بفعل الازدحام، وتمد يدها الصغيرة طالبة من راكبي تلك السيارات شراء ما تحمله من العلكة، في محاولة منها للحصول على مبلغ يعين عائلتها النازحة على دفع إيجار المكان الذي تنام فيه.
ومثل هلا، أطفال كثيرون ينتشرون في شوارع دمشق، إما للتسول أو لبيع بعض الأغراض البسيطة كالعلكة أو المناديل الورقية أو بعض الحلويات، منهم من يمسح زجاج السيارات، وبعضهم يعرض مسح الأحذية مقابل مبلغ زهيد، يدفعهم لذلك الفقر والحاجة وعائلاتهم الممزقة التي نزح الكثير منها عن مدنه ومنازله تاركا وراءه كل ما كان يملكه.
ولا تقتصر مأساة الأطفال على الفقر، وإنما هم يدفعون اليوم ثمن جهل أهلهم، وقسوة المجتمع وتخليه عنهم، فلا مؤسسات تقوم برعايتهم ولا ضوابط أو قوانين فعالة تحول دون إرسالهم للتسول أو العمل.

الاتحاد
ثمة بريق أمل صغير وسط الدمار في سوريا. فقد أفرز النزاع السوري أكبر أزمة لاجئين في العالم منذ 1945، أزمة تم السعي فيها لجمع 6?5 مليار دولار من المساعدات الدولية لتأمين الماء والغذاء ومواجهة شلل الأطفال الذي ظهر في أوساط اللاجئين. غير أن ثمة مخططا قيد الإعداد من شأنه التغلب على التعقيدات البيروقراطية وضمان إمكانية عودة 400 ألف طفل سوري منفي إلى المدرسة في غضون أسابيع.
إن الأطفال هم الضحايا غير المرئيين في هذا النزاع؛ فقد قُتلت أعداد منهم قبيل أعياد الميلاد في هجوم شنه النظام على مناطق الثوار في محيط حلب؛ كما تم العثور على جثث يافعين مكدسة بعد مذبحة شهر مايو خارج مدينة بنياس. وبعد الهجوم الكيماوي في أغسطس الماضي، كانت صفوف من جثث الأطفال مسجاة ضمن الضحايا. وإلى ذلك فإن نصف الـ6?5 مليون سوري الذين أُرغموا على النزوح أطفال. ولئن كانت سوريا قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدف تعميم التعليم قبل أربع سنوات، فإن الآلاف من المدارس تتعرض اليوم للقصف والحرق، وقد تحولت من مؤسسات تعليمية إلى قواعد عسكرية أو أُغلقت كلياً.

يستغِل الأطفال في سوريا  الجو الماطر للعب خارج المنزل ، محاولين تعويض النقص الكبير من خلال هذه الفرصة ، فهم اُجبـِروا على عيش هذا الواقع وسط غياب الكوادر التعليمية ، بسبب تعرض مناطقهم للقصف المركز والمتكرر ، مراسلنا مصطفى جمعة لديه المزيد عن معاناة الأطفال وأحدى صور هذه المعاناة من ريف حماة  في هذا التقرير .
١. محمد - طفل من مدينة كفرزيتا
٢. هديل - طفلة نازحة من بلدة كرناز
يستيقظ محمد باكراً في كل يوم ليذهب إلى مدرسته ، وفي خاطره حلم يتلاشى ويندثر ، فهو لا يجد أياً من رفاقه في الصف أو في المدرسة .
يقف محمد ابن التسعة أعوام في هذا المدخل الذي تعرض للقصف ، متأملاً المكان الذي كان يعج ذات يوم بالأطفال ، وتمضي ساعات وهو ينتظر ، فيعود إلى المنزل ويخرج بعد ذلك للبحث عن أحد ليلعب معه .

السفير عبدالله بن يحيى المعلمي
الجيل الضائع!!فلك طفلة سورية في العاشرة من عمرها، عندما طلبت منها معلمتها في أحد مخيمات اللاجئين أن ترسم لوحة فنية، بادرت فلك لترسم صورة لطائرات حربية مغيرة، وأجساد متناثرة، وامرأة تحنو على رضيعها القتيل وشابين يحملان جثة شيخ شهيد.. أمّا زميلتها زهرة فقد رسمت صورة لمجموعة من الأشجار الجدباء المتناثرة، واحدة منها قد قطعت، وقد جثت عليها امرأة أرخت برأسها على ما تبقى من جذع الشجرة.
يقول المراقبون إن العادة قد جرت على أن يرسم الأطفال في هذه السن صورًا متفائلة فيها أزهار وشمس، وأشجار مثمرة حتى، وإن كانوا في مخيمات للاجئين لأنهم يعبرون بذلك عمّا يتطلعون إليه، أمّا في سوريا فإن هذه اللوحات توحي بأن هذا الجيل قد فقد الأمل.

بقلم: آدم كوتس - ترجمة: لانا عفانه
البيان    
ليست كارثة الصحة العامة في سوريا وليدة الأمس القريب. فخلال ثلاث سنوات من الصراع العنيف قتل 125 ألف شخص، ونزح الملايين.
واجتذب ظهور شلل الأطفال بين السوريين تركيز العالم، أخيراً، والاستجابة الدولية هي موضع ترحيب، غير أن هذه الأزمة كانت مما يمكن التنبؤ به، ويمكن الوقاية منها.
وقد أوجد انهيار النظام الصحي والافتقار إلى المرافق الأساسية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة الظروف الأساسية لعمليات انتشار الأمراض التي يمكن للقاحات منعها.
وكانت سوريا قد قضت على مرض شلل الأطفال منذ 14 عاماً مضت، إلا أن عودته خلال الحرب الأهلية هذه يُشكل أكثر من انتكاسة لمجال الرعاية الصحية. ويعد إهماله من قبل المجتمع الدولي أمراً مثيراً للعجب.

JoomShaper