عبد الرحمن هاشم.
حين ندقق في واقعنا الاجتماعي نكتشف من يكرر أخطاءه وأخطاء الآخرين دون الاستفادة غالباً من دروس تجاربهم في تفادي الخطر والنجاة من سوء العاقبة، الأمر الذي يثير التساؤل والتأمل في آن واحد : لماذا يقترب الهاموش الطائر دائماً من مصدر الضوء فيلسعه ويحرقه مع أنه قد رأى آلافاً غيره تواجه هذا المصير من قبل؟
أحداث ومغامرات غير بريئة تمتليء بها الصحف وتقام من أجل مناقشتها برامج تليفزيونية وندوات.
من ذلك، زوج وأب لطفلين يعمل عملا مرموقاً بإحدى الهيئات، قد ارتبط عقب تخرجه بفتاة، لكن قصته معها لم تنته النهاية الطبيعية بالزواج..إذ فرقت بينهما التقلبات العاطفية لهذه الفتاة، فتزوج بغيرها، وتزوجت بغيره، لكن الصلة بينهما لم تنقطع وإنما اتخذت شكل الصداقة المتينة بين الأسرتين، وبعد زواجها شهدت حياتها فترة قصيرة من الاستقرار ثم لم تلبث أن رجعت إلى طبيعتها المتقلبة فارتبطت بعلاقة خاصة مع أحد مديري الهيئة التي تعمل بها، وتطورت العلاقة بينهما حتى كادت تهدم أسرة ذلك المدير، وأسرتها بطبيعة الحال، ووجدت نفسها في موقف عسير بعد أن علمت زوجة الرجل بوجودها في حياة زوجها وبدأت تطاردها وتطالبها بالابتعاد عنه وتهددها بإبلاغ زوجها بخيانتها له..

إلى جانب أهميتها الكبيرة في تمتين أواصر العلاقات العائلية، فإن وجبات الطعام العائلية تمثّل إحدى أهم الوسائل للحفاظ على القيم والتقاليد.
نواصل تسليطنا الضوء على أهمية وجبات الطعام كإحدى أهم الطرق لقضاء جميع أفراد العائلة وقتاً قيّماً وثميناً مع بعضهم البعض. لكنّنا نتوقّف أيضاً عند جوانب إيجابية أخرى لهذه الطقوس اليومية. ألا وهي كونها وسيلة حيوية للحفاظ على التقاليد والقيم العائلية.
ويمكن القول إنّ الوجبات العائلية تمثّل استعراضاً لمجموعة من القيم الثقافية والدينية والتراثية التي تميّز العائلة. وتجعل منها جزءاً من المجتمع الأكبر. وبالطبع، إنّ هذا الأمر مقرون بما تأكله العائلة وكيفية تناول أفرادها الطعام ومتى، ما يمثّل نوعاً من الهوية الثقافية. ويستشفّ الصغار منذ نعومة أظفارهم هذه التقاليد خلال مشاركتهم فيها، فيبدؤون بتعلّمها ويطّلعون شيئاً فشيئاً على تاريخهم وتراثهم وثقافتهم.

الاتحاد
علينا أن ندرك أن تربية الأبناء في هذا العصر أصبحت عملية صعبة ومعقدة، حيث يرى كثير من رجال الفكر التربوي وغيرهم بأنها علم وفن، فهي بلا شك تتطلب الكثير من الجهد والعلم والمعرفة والإدراك والإحاطة والحكمة والصبر. فتربية الأبناء قبل عشر سنوات ربما كانت أسهل بكثير من تربيتهم اليوم، وذلك نتيجة لصعوبة الحياة وتعقيداتها وتأثير متغيرات كثيرة فرضتها معطيات العصر وتحدياته.
فأحياناً يستفز الطالب المدرسين، ويتذمر من المدرسة والمدرسين، وتتسم سلوكياته باللامبالاة بالدراسة أوبالآخرين ...الخ ، ومع ذلك، فإن ثمة سلوكًا وتصرفات، غالبًا ما تكون متوقعة لدى كثير من الأطفال، حيث يكون لديه الميل نحو التمرد أوعدم الانصياع للأوامر أو النظام. لهذا فمن الصعوبة بمكان استمرار الابن بنفس الوتيرة والطباع التي كان عليها في الأسرة دون التأثر والاستجابة للمتغيرات التي طرأت على حياته، سواءً الفسيولوجية منها أو العقلية، أو الاجتماعية ..الخ، الناتجة عن انتقاله إلى البيئة المدرسي كأهم وأخطر محطات حياته، حيث تتشكل ملامح شخصيته، وتتبلور فيها جوانب عقليته.

أ.عمر السبع.
المحضن الأول:
تعتبر الأسرة المحضن التربوي الأول الذي ينشأ فيه الطفل، ومن البديهي أن البيئة المثالية لتربية الأبناء، هي منزل يسوده الوئام في كنف أب وأم متفاهمين محبان لطفلهما، ولكن المناخ الأسري يكون في بعض الأيام جيدًا ثم يكون في أيام أخرى غير ذلك، وهذا أمر طبيعي، والواجب على الوالدين محاولة زيادة الأيام السعيدة بينهما، والاستمتاع بوقت التواصل مع الأولاد.
ومن الحكمة في التربية أن (تكون سياسة الأبوين موحدة أو متقاربة تجاه الطفل بحيث لا يشعر أن هناك فارقًا ملحوظًا بين معاملة كل منهما له، وبالذات لا ينبغي أن يقف الأبوان موقفين متعارضين أمام الطفل تجاه عم قام به، فمثلًا أحدهما يطلب بعقابه والآخر يعارض في توقيع العقوبة عليه، فإن هذا يفسد الموازين في حسه، ويشعره بأن الأمور ليس لها ضابط محدد، ولا معيار معين يلتز به، وأن في إمكانه أن يخالف تعاليم أحد الوالدين ويجد من يدافع عنه من طرف آخر.

سعد العثمان 
من خلال الدِّراسات التي أجراها علماء التَّربية، وعلم النَّفس، للأوضاع الأسريَّة في مختلف البلدان، قد وجدوا أنَّ هناك اختلافات كبيرة، بين الأوضاع الاجتماعيَّة لهذه الأسر، تتحكَّم فيها الظُّروف التي تعيش فيها كلُّ أسرة، والعلاقات السَّائدة بين أفرادها، وبشكل خاصٍّ بين الوالدين، وأنَّ هذه الاختلافات، والعلاقات، تلعب دوراً خطيراً في تربية الأطفال، وتنشئتهم، فهناك أنواع مختلفة من الأسر، وتبعاً لذلك نستطيع أن نحدِّدَها بما هو آت:
1 ـ الأسر التي يسودها الانسجام التَّام، والاحترام المتبادل بين الوالدين، وسائر الأبناء، ولا يعانون من أيَّة مشكلات سلوكيَّة، بين أعضائها الذين يشتركون جميعاً، في القيم السَّامية التي تحافظ على بناء، وتماسك الأسرة، وتستطيع هذه الأسر تذليل جميع المشاكل، والصُّعوبات، والتَّوترات الدَّاخلية التي تجابههم، بالحكمة والتَّعقل، وبالمحبَّة والتَّعاطف، والاحترام العميق لمشاعر الجميع صغاراً وكباراً.

JoomShaper