البلاغ    
بين الإسلام منهاجاً شرعياً لحل الخلافات التي قد تنشأ بين الزوجين، فإذا تعذّر عليهما الإصلاح بينهما إلى درجة يُخشى عليهما فيها التنافر والتباعد وجّه الشرع الحنيف إلى اختيار حكم من أهل الزوجة وحكم من أهل الزوج، لينظرا في أمرهما ويحكما، سعياً نحو الإصلاح ويعملا على ردم هوة الخلاف بينهما.
قال الله عزّ وجلّ في سورة النساء الآية 35 (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا). وقد ردّ في تفسير الطبري في شرح معنى الشقاق بين الزوجين "قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا...) وإن علمتم أيّها الإنسان شقاق بينهما، وذلك مشاقة كل واحد منهما صاحبه، وهو إتيانه ما يشق عليه من الأمور، فأمّا من المرأة فالنشوز وتركها أداء حق الله عليها الذي ألزمها الله لزوجها، وأمّا من الزوج فتركه إمساكها بالمعروف أو تسريحها بإحسان. والشقاق مصدر من قول القائل شاق فلان فلاناً، إذا أتى كلّ واحد منهما إلى صاحبه ما يشق عليه من الأمور، فهو يشاقه مشاقة وشقاقاً وذلك قد يكون عداوة". هذا وتبين الآية الكريمة طبيعة دور الحكمين، وهو السعي في الصلح والإصلاح بين الزوجين، فإن نجحا في ذلك كان خيراً وبركة، وإذا فضلا ينتهي دورهما وتشرع المحكمة في متابعة الحالة والنظر في دعوى الطلاق.

حسن الأشرف
ورد التأديب بين الزوجين في القرآن الكريم في قوله تعالى: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا).. والمعنى أن يؤدب الرجل زوجته  عند النشوز والعصيان بواسطة الوعظ والنصح والإرشاد، فإذا لم ينفع ذلك ينتقل إلى الهجر في الفراش ، ثم إن لم ترجع عن غيها يكون حينئذ الضرب ضربا غير مبرح، فالرجل هنا له حق التأديب باعتباره القوام على الزوجة.
غير أن الكثير من الأزواج لم يكتفوا بهذه الطرق الثلاثة التي أوردها القرآن، بل ابتدعوا طرقا أخرى يرونها وسائل لتأديب الزوجة، وأيضا لا تتردد بعض الزوجات في "عقاب" أزواجهن بطرق وحيل نسائية !!..
ويعرض هذا التحقيق لبعض وسائل التأديب بين الزوجين في المجتمع المغربي، نعرضها كحقائق واقعة لا نتفق على أكثرها , ولانرضى إلا بما رضي به شرعنا لكننا نعرض تل الوسائل المعمول بها والتي صار يتبعها عمدا طرفا العلاقة الزوجية، دون استحضار للمخاطر المحدقة وراء ذلك.. لنتابع الموضوع:

الدكتور: أحمد أبو أسعد
في العادة، فإن الآباء يتحدثون باستمرار في المنزل وبدون قيود أو ضوابط محددة، وباعتقادهم أن ما يقولونه صغيراً أو كبيراً يعد سرّاً، وعلى الأبناء أن يحتفظوا به باستمرار، ودون تعلُّم، وقد يترتب على ذلك العديد من المشكلات بين الأبناء والآباء، وإفشاء العديد من الأسرار الحقيقية.

متى يعد حديث الأبناء عن حياتهم الأسرية مشكلة لا بد من الاهتمام بها؟
أعتقد أنه يجب أن نميز بين ما يعد سرّاً يجب إخفاؤه عن الآخرين، وبين ما يمكن إفصاحه، ولتوضيح هذا الأمر يمكن تقديم أمثلة على ذلك؛ فمثلاً تناول الأسرة لطعام الغداء في العادة لا يعد سرّاً، يمكن الحديث عنه للمقربين إذا تم السؤال عنه، ونقاش أفراد الأسرة معاً حول موضوع أُسري عام، كإبداء وجهة نظر الأسرة حول الانتخابات مثلاً، قد لا يُعدّ سرّاً، ولكن في المقابل، نقاش الوالدَين حول الأمور المالية، أو الرغبة في ترك المنزل، أو شراء سيارة جديدة، قد يُعد سرّاً، وبالعموم يحتاج الوالدان لتعليم أبنائهم في الحياة.

محاسن أصرف
أرسى رسول الله صلى الله عليه وسلم قواعد المشاركة الزوجية في قوله  :(الرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها)متفق عليه، وقد أكد الإسلام على مبدأ التكافل بين أفراد الأسرة وأناط به حفظ الأسرة من التفكك والانهيار.
ولا شك أن تحمل المسؤولية المشتركة بين الزوجين خاصة فيما يتعلق بالقيام بواجبات الأسرة والعمل على توفير متطلباتها وفقاً للوظيفة الفطرية التي أودعها الله سبحانه وتعالى فيهما هي: عماد الاستقرار الأسري، وسبيل الحصول على السعادة الزوجية على مر العمر، ويحث الإسلام على المسؤولية المشتركة، ويقضي بضرورة تقاسم المسؤوليات في البيت بين الأبوين بما يضمن تحقيق الأسس المادية والمعنية التي تقوم عليها الأسرة، وينعكس بصورة إيجابية على حياة الأبناء وتمتعهم بشخصيات سليمة نفسياً واجتماعية مدربة على المشاركة، وتحمل المسؤولية بسبب القدوة الحسنة من الأبوين.

تكريم الأم المستسلمة في قصة بناء البيت(4_4)
نجوى شاهين
تناولنا في الجزء الثالث(*) من قصة بناء البيت، أن الله تعالى أراد أن يكرم الأم المستسلمة في حياتها، وبعد موتها، فبارك الله تعالى لها في ذريتها، بأن جعل ابنها نبيا فضلا عن زوجها،  وتعرفنا أن الأم قد أحسنت تربية ابنها فقد ربته على الإيمان، وأنشأته على الرضا بما قسم الله تعالى له، و رسخت في نفسه درس الاستسلام، وهو الذي يثبت أن الأم نجحت في تربية ابنها تربية صالحة على الرغم من غياب الأب.
و في هذه الحلقة سنتوقف مع دروس استسلام الابن لأوامر أبيه، وكيف أنه في شبابه أرشده إلى الطريقة الصحيحة لاختيار الزوجة، ونتعرف على أي أساس يختار الشاب المرأة التي ستكون رفيقة دربه، و أما لأبنائه، وهذا ما جاء في الجزء الخاص من تفقد أبي الأنبياء لتركته، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه:
"فَجَاءَ إِبْرَاهِيمُ بَعْدَمَا تَزَوَّجَ إِسْمَاعِيلُ يُطَالِعُ تَرِكَتَهُ، فَلَمْ يَجِدْ إِسْمَاعِيلَ فَسَأَلَ امْرَأَتَهُ عَنْهُ، فَقَالَتْ: خَرَجَ يَبْتَغِي لَنَا، ثُمَّ سَأَلَهَا عَنْ عَيْشِهِمْ وَهَيْئَتِهِمْ؟ فَقَالَتْ: نَحْنُ بِشَرٍّ نَحْنُ فِي ضِيقٍ وَشِدَّةٍ، فَشَكَتْ إِلَيْهِ.  قَالَ: فَإِذَا جَاءَ زَوْجُكِ فَاقْرَئِي عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقُولِي لَهُ: يُغَيِّرْ عَتَبَةَ بَابِهِ.

JoomShaper