أم عبد الرحمن محمد يوسف
في إحدى الكليات، وفي حجرة من حجرات الامتحانات، جلست منى بجانب صديقتها شيماء توأديان الامتحان الأخير لهما، وبعد ساعتين من التركيز التام، هما زمن الامتحان، انتهتا من الإجابة عن جميع الأسئلة بفضل الله، وانتهى وقت الامتحان وبدأت الإجازة، التي تنتظرها كل طالبة بفارغ الصبر بعد عناء وتعب الامتحانات.
ولكن ترى، كيف ستقضي منى وشيماء الإجازة؟
حال الناس في الإجازة:
عزيزتي، بمجرد ما تبدأ الإجازة، وتنتهي الامتحانات؛ نرى حالًا عجيبًا من الطالبات؛ فهذه تقضي يومها كله في النوم، تنام في الليل، وتنام في النهار، تنام قبل الغداء وتنام بعد العشاء، كأنها تنتقم من النوم لأنه فارقها قليلًا أيام الامتحانات.
وهذه أخرى تقضي جل وقتها تتحدث إلى صديقاتها؛ سواء عبر الهاتف أو عبر البريد الإلكتروني، تكاد لا تنصرف عن الحديث إلا في أوقات النوم والطعام.
وهذه ثالثة نراها قد اعتكفت على جهاز الكمبيوتر؛ ما بين تصفح لمواقع أو منتديات غير مفيدة للإنترنت أو قضاء وقت طويل أما الألعاب المختلفة.
أما هذه؛ فهي قد آثرت الاتكاء على سريرها وقد غلبها الكسل والخمول، وأخذت تقلِّب برامج التلفزيون بدون غرض أو هدف.
الإجازة نعمة:
في البداية أيتها الأخت الغالية، علينا أن نعلم أن هذه الإجازة نعمة جليلة من الله تعالى، فالله قد أنعم عليكِ بالصحة وبالوقت معًا في هذه الإجازة؛ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة والفراغ) [رواه البخاري]، والغبن هو الخسارة، أي أنهما نعمتان غاليتان ولكن يخسرهما الكثير من الناس.
والإجازة شأنها شأن كل النعم، تستوجب الشكر، وشكرها حسن استغلالها، وكما أن النعمة إن أساء العبد استغلالها سُلِبَت من يديه وضاعت فائدتها، فكذلك الإجازة من ضيعها سيندم بشدة بعد ذلك.
وأنتِ تعلمين عزيزتي أن العبد يوم القيامة سيُسأل: ( عن عمره فيمَ أفناه؟) [صححه الألباني]، وهذه الإجازة من عمركِ، بل إني أعدها من أفضل أوقات العمر، أتدرين لماذا؟
لأنكِ في الإجازة قد صرت في راحة من جميع المشاغل، فليست هناك مذاكرة، ولا مواعيد واجبة، ولا ضغوط عمل؛ الخلاصة أنتِ تعيشين في الإجازة فترة من الراحة النفسية والعقلية من كل الضغوط والمشاغل.
ويزيد الأمر أهمية في إجازة نصف العام خاصة، أن وقتها قليل، فالطالبة لا تلبث قليلًا فيها إلا وتجد الدراسة قد بدأت مرة أخرى، فهل من مشمرة؟!
أسباب التفريط في الإجازة:
الكثير من الفتيات حينما تبدأ الإجازة تشكو وقت الفراغ فيها، وأنها تمل بشدة من إجازتها، ولكن هذا الأمر يستحق وقفة؛ فـ(لماذا لم تمثِّل تلك المشكلة عائقًا أمام عظماء الأمة على مَرِّ العصور، بدءًا من جيل الصحابة الكرام ومرورًا بالتابعين وتابعيهم، وانتهاءً بكل رجل أو امرأة ترك أثرًا في هذه الأمة؟!
فلم نقرأ يومًا أن صلاح الدين كان يشتكي من فراغ وقته، ولا أتانا نبأ قطز يتحسر على أوقات قضاها لم يُزِد فيها شيئًا، ومن قبلهما صحابة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، لم نسمع أن أحدهم كان يشتكي من ضياع عمره بلا فائدة) [سارق الأعمار، محمد السيد عبد الرازق، ص(5)].
السبب الأول ـ غياب الهدف:
فإن سألتكِ عزيزتي الآن وبعد نهاية الامتحانات مباشرة: (ما أهدافكِ من الإجازة؟)، فأجبتي بـ(لا)؛ فلا عجب أن تضيع منكِ الإجازة.
فقد (أجرت جامعة بيل الأمريكية دراسة حول عدد الطلاب الذين لديهم أهداف قد كتبوها، ورسموا خططًا لإنجاحها، ووجدت أن 3% من طلاب السنة الأخيرة في الجامعة قد فعلوا ذلك، وبعد عشرين سنة توبعت الدراسة بالاتصال بأولئك الطلاب الـ 3% للنظر في وضعهم المالي والاجتماعي؛ فوجد أن هؤلاء الـ 3% الذين كتبوا أهدافهم يحصلون ماليًّا على ما يعادل دخل الـ (97%) الآخرين!) [رسائل سريعة للشباب والشابات، عبد الحميد البلالي، ص(69)].
وفي قصة (أليس في بلاد العجائب) عندما (سألت (أليس) القطَّ (تشيتشاير) عن الطريق، فتقول: من فضلك هل لي أن أعرف أي طريق أسلك؟
فرد القط: يتوقف هذا إلى حدٍّ بعيد على المكان الذي تريدين الذهاب إليه.
تقول أليس: إنني لا أعبأ كثيرًا بالمكان.
يرد القط: إذًا؛ فلا تهتمي كثيرًا أي الطرق تسلكين) [صناعة الهدف، هشام مصطفى وصويان الهاجري وآخرون، ص(87)].
فهكذا عزيزتي لو لم تكن لكِ أهداف من الإجازة، فستمر الإجازة بنهارها وليلها بلا أي تقدم أو استغلال يُذكر، لأن الإنسان لا يصل إلا إلى ما سعى إليه.
السبب الثاني ـ خمول الهمة:
وهنا أخص بالحديث فتاة انتهت من امتحاناتها، وتستطيع أن تضع لإجازتها أهدافًا، ولكن للأسف فالإجازة في مخيلتها هي الراحة والسكون، والنوم والخمول لا غير، فليست المشكلة لديها في غياب الأهداف، بل في غياب المحرك الدافع لتلك الأهداف.
(فمن سَمَت همته عن الدنايا وتطلع إلى معالي الأمور؛ فلن يكون هناك متسع في حياته لينشغل بالتافه من الأمور، أو الدون من المشاغل، وعلى العكس من ذلك؛ فمن حامت همته حول سفاسف الأمور، فلن يعدم فراغًا هنا أو هناك، فلا تقوى همته على الانشغال بالعظائم وصرف الأوقات والأعمار فيها، وإنما تزين له همته الضعيفة توافه الأمور، فينتقل من فراغ إلى فراغ) [سارق الأعمار، محمد السيد عبد الرازق، ص(10)].
السبب الثالث ـ البعد عن الله:
(ثم يأتي خاتمة الأسباب التي تملأ حياة الكثيرين بالفراغ، إنه ضعف الإيمان والبُعد عن الله تعالى، فمن عرف ربه خير المعرفة وأدرك حقيقة الدنيا؛ عرف أنه مسافر إلى ربه وزاده هو عمره، فيجدَّ في العمل ويصرف أوقاته فيما يعود عليه بالنفع والفائدة.
أما البعيد عن ربه ومولاه، الذي تعلَّق قلبه بالدنيا وغرَّته زينتها، فهو المغرور المخدوع الذي اشتهى الزائف من الزخارف والحلي، وانشغل بها عن حقيقة رحلته إلى ربه، ولم يعلم أن الدنيا وسيلة وليست غاية، ومن الحمق أن يعمينا انشغالنا بتحصيل الوسائل عن غاياتنا المنشودة) [سارق الأعمار، محمد السيد عبد الرازق، ص(12)].
فكما أن الوضوء شرط للصلاة؛ فكذلك القرب من الله تعالى شرط للنجاح، فمن كان قريبًا من مولاه بعيدًا عن معاصيه ومحارمه؛ جاءه التوفيق من الله تعالى نحو كل جميل وخير، وشعر بأن الله ييسر عليه أمره كله، ويجمع له شمله، وتأتيه الدنيا وهي راغمة.
وأما من بعُد عن الله تعالى؛ فهو محجوب بداية عن رؤية ما فيه صلاح حياته وقوامها، بعيد عن تمييز الصواب من الخطأ، ولو حتى أبصر الخير ورآه، وأراد أن يجد السير في مسعاه، فإذ بذنوبه تقف بينه وبين هدفه حائلًا، وإذ بقسوة قلبه تضعفه عن السير، فيستصعب الطريق، ويصيبه الكلل والملل، ومن ثَم يلحقه العطب، فيكف عن البحث عن ما يفيده ويؤمله.
برنامج عملي لاستغلال الإجازة:
هذا أخيتي دليل مني إليكِ، لاستغلال هذه الإجازة الوجيزة، في خير نافع لكِ في الدنيا وفي الآخرة، أرجو منكِ أن تلتزمي بها خلال هذين الأسبوعين؛ لتكون أحسن إجازة في حياتكِ، ولا أريدك أن تزيدي على هذا البرنامج، بل ابدئي به كبداية تحفزكِ نحو النجاح بإذن الله.
وقد حاولت قدر الإمكان أُخيتي أن أُنوع من الأهداف والأعمال؛ لأن (الحقيقة أن مشكلة الفراغ مشكلة كبيرة، فعندما يفرغ المراهق ولا يجد بين يديه شيئًا يشغله؛ تجده يحاول ملء هذا الفراغ بما يشتهي وهذه مشكلة، ونحن نفهم أن القراءة وحدها مثلُا هي السبيل لملء وقت الفراغ، ولكن تختلف ميول واهتمامات المراهقين من واحد إلى آخر ومن جنس إلى آخر، وأهم ميول الشباب في وقت الفراغ: القراءة والمشاهدة وممارسة اللعب) [مراهقة بلا أزمة، أكرم رضا، ص(228)]؛ لذا فقد حرصت على التنويع وأن تضم ما سبق.

 

أولًا ـ مع النفس:

الجانب الإيماني
·    المواظبة على الصلوات الخمس، مع أداء السنن ما أمكن.
·    المواظبة على ركعة الوتر.
·    المواظبة على قراءة حزب يوميًّا من القرآن.
·    صيام يوم الخميس من الأسبوعين.
·    حفظ حزب واحد فقط طوال الإجازة من القرآن.

الجانب الثقافي
·    اختاري كتابًا واحدًا معينًا؛ في أي مجال تريدين القراءة فيه، ولكن لا تتردي كثيرًا في اختيار الكتاب، ثم واظبي على القراءة الحرة فيه يوميًّا بحيث تفرغين منه كله في نهاية الإجازة، فتكون فائدة عظيمة لكِ.

الجانب الترفيهي
·    خصصي وقتًا معينًا يوميًّا، وليكن من بعد صلاة العشاء، واجعليه وقت الترفيه؛ تجلسين فيه مع أسرتكِ، أو تتحدثين فيه إلى صديقاتكِ، أو تقضينه على الكمبيوتر في اللعب أو الحديث إلى صديقاتكِ عبر البريد الإلكتروني ... وهكذا.
ولا تنسي أبدًا أن جزءًا كبيرًا من السعادة والنجاح يكمن في الحفاظ على الجسد السليم، فحافظي على ثماني ساعات يوميًّا للنوم، وثبات موعد وجبات طعامكِ الثلاثة.

 

ثانيًا ـ مع الآخرين:

مع البيت
·    لا تغفلي مساعدة والدتكِ في شئون المنزل.
·    خصصي يومًا في الأسبوع للخروج مع أسرتكِ في نزهة عائلية ولو كانت إلى مكان قريب.

مع العائلة
·    خصصي يومًا كل أسبوع لزيارة أحد الأقارب من جهة والدتكِ أو والدكِ، وإن لم يمكنكِ الزيارة فاجعليه حديثًا عبر الهاتف تتفقدين فيه أحوالهم وتتطئمنين على أعمالهم.

مع الصديقات
·    خصصي يومًا كل أسبوع تلتقين فيه مع صديقاتكِ في منزل إحداكن أو في أي مكان يناسب.
وأختم كلامي ونصحي بكلام قيم لابن القيم رحمه الله، ينبينا فيه عن قيمة الوقت، في لفظ جميل ومَثل بديع؛ فيقول رحمه الله: (إن السَنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة؛ فثمرته شجرة طيبة، ومن كانت أنفاسه في معصية؛ فثمرته حنظل) [الفوائد، ابن القيم، (1/164)].
أهم المراجع:
1- مراهقة بلا أزمة، د.أكرم رضا.
2- سارق الأعمار، محمد السيد عبد الرازق.
3- رسائل سريعة للشباب والشابات، عبد الحميد البلالي.
4- صناعة الهدف، هشام مصطفى وصويان الهاجري وآخرون.
5- الفوائد، ابن القيم.

 

مفكرة الإسلام

خالد أبو بكر
قنا (مصر) - عند دخولك قرية "كوم الضبع" بأقصى صعيد مصر تشعر أنك عدت إلى عصور التاريخ الأولى.. فبيوتها مبنية على نفس الطريقة الفرعونية.. بالطوب اللبِن.. ومسقوفة بألواح من جذوع النخيل.. والأبواب تغلق بمغالق خشبية.. والبساطة الشديدة هي المعلم الأبرز على وجوه وطريقة معيشة سكان القرية الصغيرة.
في أحد أروقة القرية يقع مقر جمعية "تنمية المجتمع بكوم الضبع" وهي لا تختلف عن حال بيوت القرية.. لا تعدو مساحة المقر عن الخمسين مترًا مربعًا.. تضم حجرة صغيرة للإدارة.. بجانب مشغل للفتيات، وبالرغم من بساطتها خرجت منها مبادرة ساهمت في حلّ أعتى المشاكل تعقيدًا في مصر ألا وهي مشكلة الزواج الباهظ التكاليف.

لهن - أسماء أبوشال
"أنا هنا هنا يا ابن الحلال لا عايزة جاه ولا كتر مال .. أحلم بعش أملاه أنا سعد وهنا .. أنا هنا يا أبن الحلال" هذه الكلمات تغنت بها المطربة صباح ، وأصبحت شعار وحلم تسعي إليه معظم الفتيات ، بعد أن أصبح الزواج صعباً ولا يقدر عليه بعض الشباب ، ومع ضغوط الأهل والمجتمع تبدأ البنت فى البحث عن عريس بنفسها بأي طريقة سواء كانت تقليدية كالصالونات أوعن طريق الأهل والمعارف أو حديثة غير مضمونة كالنت والشات ، لكن المهم فى النهاية هو تحقيق الهدف وهو الزواج.  

معتصم الميناوي
جيل اليوم وإن اختلف عن جيل الأمس ما زال يحلم.. ويحلم، حتى وهو يقف أمام عتبة متغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية، وأمام ثورة اتصال مخيفة، وفي ظل هذا الزمن الذي طاله التغيير من ألفه إلى يائه حاولنا أن نتسلل إلى عقول شبابنا وشاباتنا، حاولنا أن نرسم الصور ونفتح القلوب.
فمن هو فارس الأحلام الذي تتمناه الفتاة؟ وهل لا تزال تنتظره على حصانه الأبيض؟ ومن هي فتاة الأحلام التي يريدها الشاب ويفكر بها شريكة لحياته ونورًا للياليه؟
بحثنا في البداية عن فتيات هذا الجيل.. سألناهن عن أحلامهن ونبشنا في أذهانهن عن فارس الأحلام.. فمن هو؟

أم عبد الرحمن محمد يوسف
اسألي نفسكِ!
لماذا أذاكر؟ ولماذا أدرس وأتعلم؟!
هل سألتِ نفسكِ عزيزتي هذا السؤال العجيب من قبل؟!
هذا السؤال له قصة عجيبة حدثت مع أحد طلاب الجامعة، بكلية طب الأسنان.
ففي أحد الامتحانات العملية كان على الطالب أن يحضر مريضًا يعاني من ألم في أسنانه، فيقوم بمعالجته ليأخذ درجة النجاح؛ وقد كان بالفعل أن أحضر الطالبُ المريضَ وشرع في تقديم سبل العلاج له حتى أتم الله على يديه شفاء المريض؛ وأخذ الطالب درجة النجاح.
ولكن هذا المريض كان يسكن على مقربة من بيت الطالب، فكان كثيرًا ما يلقاه مارًّا في الطريق، وكان كلما قابله المريض أخذ يشكره ويمدحه ويثني عليه أن الله شفاه على يديه.
وهنا وقف الطالب مع نفسه وقفة ... فإن نيته من مداواة المريض كانت الدرجات فقط! ولكنها غفل ونسى أن يضع نية بذل الخير والمعروف للناس ومداواة المرضى في دراسته ... وهنا سأل نفسه: لماذا أذاكر؟!

JoomShaper