د. عبد الرحمن حسان
امرأة من الزمن الجميل، على راحتيها ولدت، وكانت أنفاسها أول ما شممت من عطور الدنيا، نعم؛ كان ذلك منذ أكثر من خمسين عاماً مضت، ومازالت أنفاسها في ذاكرتي تعبق المكان حولي، ومازالت دعواتها بأصدائها المنداحة في داخلي ترن، كأنها تغريدة بلبل حين يتردد صداها فيملأ المكان أنساً وحبوراً وفرحاً.
لقد تسلل حبها إلى قلبي كما النسمة الرقيقة التي تدخل بلا استئذان، و تربعت وحدها على عرش قلبي، فأنارت دواخلي بقناديل البشر وعطرت روحي برياحين الفرح.
إنها جدتي المترعة بالجمال، بل كان يخيل لي أن الجمال ينساب من بين إصبعيها ليكسو من حولها حللاً وألوانا زاهية، كأن قوس قزح استعار ألوانه من بريق عينيها، وكأن براءة نظرتها غسلت نفوس من حولها ليكون لهم نصيب من الصفاء والنقاء في دواخلهم.

د.ديمة طارق طهبوب
قال ابن المبارك، وهو مع جيش المسلمين في إحدى الغزوات: (أتعلمون عملاً أفضل مما نحن فيه؟) قالوا: (ماهو؟) قال: (رجل ذو عائلة قام من الليل فنظر إلى صبيانه نياماً متكشفين فغطاهم بثوبه).
موجعة هذه القصة أمام منظر الأطفال السوريين الخدج الثمانية عشر الذين قُطعت عنهم الكهرباء في الحاضنات ليموتوا في مهدهم دون ذنب اقترفوه إلاّ أنّ آباءهم قالوا ربّنا الله.
لن يعيش هؤلاء الآباء والأمهات هذا الفرح والأجر المذكور في القصة الذي يساوي بين أجر تربية الأولاد والجهاد في سبيل الله، لن يحسّوا بمعنى الأبوة والأمومة فقد قُتل قرة عيونهم شر قتلة بعد أن كتب الله لهم الحياة فأبى شياطين الأنس إلاّ أن ينتزعوها منهم ويمارسون حقا لا يملكه إلاّ رب الأرباب، دون خوف أو وجل من عقاب!
كم حلم بدفء العائلة قد وُئد في هؤلاء الأطفال وأجسادهم متراكمة فوق بعضها وكأنّهم قمامة وليسوا روحا من روح الله أوصى بالرحمة بها والشفقة عليها، فجاء في الحديث النبوي "ليس منّا من لم يرحم صغيرنا".

د. محمد بن لطفي الصباغ 
المجتمع الإسلامي هو مجتمعُ المحبة، فأمَّةُ الإسلام أمة متحابة متوادة متراحمة متعاونة على البرِّ والتقوى؛ يقول - تعالى -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح : 29]، كانت كذلك على مرِّ العصور، وما تزالُ في كثيرٍ من قطاعاتِها كذلك، ولله الحمدُ والمنَّة.
ولكنَّ البعد عن القيمِ الإسلامية، والإقبال على الدُّنيا أثَّر شيئًا من التأثيرِ على عددٍ من الناس، فحرموا من السَّعادةِ التي كان يحياها آباؤهم، وعليهم أن يعودوا إلى رياضِ المحبة والتوادِّ والتراحم، فذلك يحقِّقُ لهم الحياةَ السعيدة الكريمة في الدُّنيا، والفوزَ بمرضاةِ الله.
ليس هناك حياةٌ أحلى من الحياةِ التي يسعد بها المرءُ بحبه للآخرين وحبِّ الآخرين له، يعيشُ وصدره خالٍ من الضغائن والكراهية والحقد والحسد، بل يكون صدرُه مملوءًا بالحبِّ والودِّ والرحمة للآخرين.
إنَّ الحاجةَ إلى التذكيرِ بأهمية المحبة في المجتمعِ حاجةٌ كبيرة، لا سيَّما ونحن نُواجَه بحربٍ فكرية واجتماعية وعسكرية.
إنَّ كلَّ مسلم أخٌ لكلِّ مسلم؛ قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات : 10].

محمد عبدالخالق
(القاهرة) - حذر علماء الدين من شيوع عقوق الوالدين، مؤكدين أن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعلى مراتب الجهاد في سيبل الله.
وأكد العلماء أن الحوادث المفزعة التي تطالعنا بها الصحف ووسائل الإعلام عن الأبناء الذين يزجرون أمهاتهم وآباءهم أو يضربونهما أو يقتلونهما نذير شؤم، يهدد استقرار المجتمع الإسلامي وتماسكه، ويخالف الشريعة الإسلامية التي جعلت عقوق الوالدين من الكبائر التي تلي الشرك بالله.
وطالب علماء الدين بالإحسان إلى الوالدين والبر بهما والالتزام بالأوامر الإلهية والنبوية مما يعود بالخير على المجتمع المسلم كله.
ويقول الدكتور علي جمعة مفتي مصر: يبذل الوالدان كل ما أمكنهما على المستويين المادي والمعنوي لرعاية أبنائهما وتربيتهم ويتحملان في سبيل ذلك أشد المتاعب والصعاب والإرهاق النفسي والجسدي وهذا البذل لا يمكن لشخص أن يعطيه بالمستوى الذي يعطيه الوالدان ولهذا اعتبر الإسلام عطاءهما عملا جليلاً مقدسا استوجبا عليه الشكر وعرفان الجميل وأوجب لهما حقوقا على الأبناء لم يوجبها لأحد على أحد إطلاقا، حتى أن الله تعالى قرن طاعتهما والإحسان إليهما بعبادته وتوحيده بشكل مباشر فقال تعالى: «وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما» الإسراء 23.

آمال أبو خديجة
الحب حاجة أساسية للإنسان فطر الله الإنسان ليميل للإشباع إليها من محيطه لتمده بطاقة التفاعل والانتماء والإحساس بمشاعر الإنسانية المميزة له عن غيره من المخلوقات، يبدأ الإنسان بالبحث عن الحب وإشباع فطرته منذ يومه الأول للحياة، فالطفل يصرخ صرخة الميلاد لفراقه رحم السكينة والانسجام مع والدته والالتصاق بها ليبدأ البحث عن إشباع أوسع لفطرة الحب من والديه وأسرته ليستمد حنانهم وعطفهم لينمو سليماً سوياً معافى لمجتمعه، فيوضع الطفل منذ لحظة ميلاده الأولى على صدر والدته ليلتصق بها ويسمع دقات قلبها ويطمئن إليها ويشعر بمحبتها وحنانها، وإن فقد الطفل وحُرم ذلك الحب والحنان دون وجود من يُعوضه سينمو مضطرباً منحرفاً يفتقد لمشاعر التفاعل الإنساني والانتماء للآخرين، وبعض الدراسات العلمية أثبتت أن الطفل الذي يُحرم الحب والحنان والالتصاق بجسد والدته ينتهي به المطاف إلى الوفاة .

JoomShaper