ليلى حلاوة
لا تغيب عنا صورة كثير من كبار السن الذين نسمع عن زواجهم وهم في أواخر العمر طلبًا للأنس، ومن أجل سد الاحتياجات المتبادلة بين طرفي العلاقة الزوجية، خاصة ما يتعلق منها بالوحدة والأنس.. هناك نماذج أخرى للزواج المتأخر، ولكنها تخص البعض ممن عاش تجربة مريرة مع الطلاق أو الترمل أو العنوسة أو غيرها.. وفي غفلة من الزمن يمر العمر فيصل الواحد منهم إلى الأربعين أو الخمسين، وفجأة يلمح في الأفق شبح الوحدة وانشغال الجميع عنه.. وقد تنضج احتياجاتهم النفسية والجسدية وتنضج كذلك معرفتهم بالمجتمع الذي "لا يعجبه العجب"، وهنا تطفو على السطح الحاجة إلى الزواج من شريك يحتوي كل تلك الاحتياجات ويسدها..

يوسف إسماعيل سليمان
تتأكد الحاجة يومًا بعد آخر إلى أهمية تحسين العلاقات الاجتماعية في حياتنا، وعظم تأثيرها علينا، فما يزال العلماء والباحثون المختصون يؤكدون على أن الصداقات الحميمة والعلاقات الاجتماعية الفاعلة والتحدث مع الآخرين تُبقي الدماغ نشطًا، وتحافظ على وظائفه الحيوية والفكرية، وتحسن من الحالة النفسية للفرد، أضف إلى ذلك أن من صفات المؤمن الحُسْنَى، ومن دلائل خيريته، أن يكون آلفًا مألوفًا يحب الناس ويحبونه، يقبل عليهم ويقبلون عليه، كما جاء في الحديث الشريف: "المؤمن يألف ويؤلف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف" (رواه أحمد، وحسنه السيوطي والألباني).

أسرة البلاغ    
عزيزي القارىء من القضايا الأساسية التي لابدّ من دراستها وبحثها وتحليلها تحليلاً علميّاً، هي مسألة نشوء المجتمع والحياة الاجتماعية بما فيها من تعقيدات وتركيب وعلائق، ومعرفة دوافعها وأسبابها.
ولكي نتعرّف على النظرية الإسلامية في نشوء المجتمع وتكوّن الحياة الاجتماعية، فلنقرأ ما ورد من آيات تحدّثت عن مسألة الاجتماع ودعت إلى بناء المجتمع الإنساني وصياغة حياة الفرد ضمن التشكيل الاجتماعي العام على أُسس ومبادئ راسخة وثابتة نذكر منها:
قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...) (الحجرات/ 13).
وقوله: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم/ 21).
وقوله سبحانه: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (الزخرف/ 32).
إنّ دراسة وتحليل هذه الآيات تشخِّص لنا دوافع وأسباب نشوء المجتمع، وتلك الأسباب هي:
1- العنصر الأساس في البناء الاجتماعي هو قانون الزوجية الطبيعي العام المتمثِّل في التركيب الغريزي للمرأة والرجل، فهما عنصرا البناء الاجتماعي وأساس البنية الحيوية من الناحيتين العضوية والنفسية.

د. محمود حسن محمد
يتميز ديننا الإسلامي بأنه دين القيم التي تؤهل شخصيةَ المسلم لأن تصبح شخصية متوازنة تحسن التخطيط لحاضرها ومستقبلها، ويَمتد تأثيرُها إلى العالم كله، ولقد تحوَّلت الشخصية المسلمة في ضوء هذه القيم إلى روح يقظة ووعي شامل بدور الإنسان ورسالته البنائية، فانطلقَ المسلمون في ضوء هدي الأنبياء يحملون الأمانة التي عجزت السمواتُ والأرض عن حملها، وقدموا للإنسانية حضارةً رائعة وثيقة الصلة بالأخلاق والقيم.
تزداد الأمم تَمكينًا في الأرض بازدياد تَمسُّكها بقيمها وفهم أفرادها لدورهم ومسؤوليتهم في الحياة، ومنذ أن تراجعت القيم في مُجتمعاتنا توقَّفت حركات التجديد الفكري، وضَعُفت رسالتنا الإبداعية؛ وذلك لأَنَّ القيمَ تُسهِم بنصيب كبير في ازدهار الأمم، وتطور إبداعاتها، وعُلُوِّ إستراتيجياتها، فتتطور ابتكاراتها، وتقوى خبراتها الاجتماعية والتنموية.

المستشار محمد سعيد المشاوي    
لا يقصد الدين ولا ترمي الشرائع إلى تغيير الحكومات أو تبديل النظم أو تعديل الأشكال، لكنها تهدف – مباشرة – إلى تقويم الضمائر وترقية الإنسان وتنقية الأصول.
فالضمير غاية الكون، والإنسان خليته، والمجتمع وحدته.
وإذا استقامت الضمائر توحّد الظاهر والباطن، وتطابق السر والعلن، واختفت الأنانية وضيق الأفق، واتجه الإنسان إلى الأصل والقصد والصميم، وابتعد عن الانحراف والتعصّب والتضليل.
وإذا استوى الإنسان عرف نفسه في تبصّر وعرف ربه في يقين، فتماسك في ذاته وتوافق مع المجتمع وتناغم مع الكون، ووصل إلى السلام الحقيقي.
وإذا استنار المجتمع حيا بالحق والعدل والاستقامة، وعاش على الروح لا على النصوص... على المعاني لا على الألفاظ... على الجواهر لا على المظاهر.

JoomShaper